نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 45
ولا يقال : يوضع لفظ إذا ذكر يفهم تلك الذات المطلقة من غير دلالة اشتقاقية على سبيل الإجمال والإيماء ، فيكون علما لها . فإنّا نقول : لا فائدة في وضع ما لا يدلّ على الذات التي لا تعلم به ولا تسمّى ، وما لا دلالة فيه فلا يفهم إذا الفهم مبنيّ على الدلالة ، فما لا يدلّ لا يفهم منه ، وما لا يستدلّ عليه لا دلالة عليه ، فلا يفهم كذلك بوضع ما لا يدلّ عليه ، فافهم . وهذا تمام البحث في هذا الاختلاف الوارد ، وسيتحقّق لك سرّه - إن شاء الله - عن قريب بلسان غريب . البحث الرابع : في وجوه الاشتقاق على قول القائلين وهي من عشرة أوجه صحّحت من حيث اللغة العربية : أحدها : أنّه مأخوذ من أله يأله : إذا فزع ولجأ ، وأصله « إلاه » على وزن فعال بمعنى مفعول لكونه مفزع كلّ فزع وملجأ كل جزع ، فلمّا أدخلت لام التعريف ، حذفت الهمزة طلبا للتخفيف ، وأدغمت لام التعريف في لام الأصل وفخّمت للتعظيم ، فقيل : الله . والثاني : من الوله وهو شدّة المحبّة ، بمعنى أنّه - تعالى - هو المحبوب بأشدّ ما يكون من المحبّة ، كما قال تعالى : * ( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه ِ ) * [1] وقد وصف الله - تعالى - بالمحبّيّة والمحبوبية في قوله : * ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ ) * [2] وقد روّينا في الأحاديث الإلهية عن الله - تعالى - أنّه قال : « كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف » وفي رواية أخرى : « أردت » عوض « أحببت » والإرادة طلب حبّي . والأصل فيه « ولاه » فأبدل الواو همزة ، كما في « إشاح » و « إساد » ، فإنّهما « وشاح » و « وساد » فاستثقلوا الابتداء بحرف العلَّة ، فأبدلوا الواو بالهمزة ، ثم عرّفت الكلمة وأدغمت وفخّمت كما مرّ . والوجه الثالث : أنّه مشتق من « لاه يلوه » : إذا احتجب لأنّه - تعالى - محتجب - برداء كبريائه وإزار عظمته - عن إدراك أبصار العيون ، وإبصار أعين البصائر