نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 427
ومع قطع النظر عن تعيّنه في خصوصيات حقائقها ، فلا تدرك حقيقة الوجود ، إذ هو الحق عينه . قال - رضي الله عنه - : « وامتدّ هذا الظلّ على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول ، ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء ، لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي ظلَّة له [1] » . يشير - رضي الله عنه - إلى ما فيها من النور ، لأنّ نور الوجود ، الممتدّ على أعيان الممكنات يباين وينافي ظلمة عدميات الأعيان ، لأنّ نورية الأعيان ، بالحق ، وهي في أنفسها عدمية مظلمة ، فبينهما غاية البعد من عدم المناسبة ولا بعد أبعد من البعد الذي بين الوجود والعدم ، ولبعد المناسبة جهل من حيث ذلك الوجه المنافي ، فتجلَّى للأعيان وعليها وبحسبها ، وكانت هي ظلمة العدم والغيب المشيرين إلى السواد الظاهر على الظلال ، وذلك لأنّ الأعيان أبدا غيب ولم تظهر ولم تدخل في الوجود ، بل هي في العلم الذاتي معيّنة الأعيان ، تعدّديّتها من حيث هي هي ، الذي يتراءى إنّما هي تأثيرات خصوصياتها في مرآة نور الوجود الممتدّ عليها ، فامتدّ على نور الوجود من أشخاص الأعيان الغيبية ظلّ غيبيّ يضرب إلى السواد بالتعيين والتقييد ، وامتدّ من النور المطلق ظلّ نوري ، فاختلط الظلَّان ، فظهر سواد عينيّة الأعيان ، وبطن نور الوجود فظهر الظلّ المطلق النوري مقيّدا مظلما ، فأهل الحجاب هم أهل الظلمات ، لا يرون ولا يشهدون إلَّا العالم ، والحق عند أفاضلهم وأمثالهم معقول أو متوهّم ، لا مشهود موجود في شهودهم ونظرهم ، وتراهم ينظرون إلى الحق الظاهر وهم لا يبصرون . < شعر > ربّ امرئ نحو الحقيقة ناظر برزت له فيرى ويجهل ما يرى < / شعر > . وأهل الحق لا يشهدون إلَّا الوجود الحق الواحد الأحد الصمد في صور شؤونه العينيّة ، فمتعلَّق نظرهم نور الحق ، في سواد غيب الخلق ، فافهم .