نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 370
فلا تحمّد إلَّا نفسك ولا تذّم إلَّا نفسك ، [ وما يبقى للحق إلَّا حمد إفاضة الوجود ، لأنّ ذلك له لا لك ] » . يعني - رضي الله عنه - : أنّ الله - تعالى - إنّما يخاطب عباده على قدر فهمهم وبحسب ما تواطئوا عليه ، إنّ الله لو تعلَّقت مشيّته بهداية الجميع ، أو بإذهاب الجميع ، لهداهم جميعا ، أو أذهبهم جميعا ، هذا مبلغ علوم أهل العموم من المخاطبين ، لاقتصارهم في نظرهم على ظاهر المفهوم من كمال القدرة والإرادة ، وهو نصف البحث ، فلو رزقوا العثور على الشطر الآخر ، لفازوا بإدراك الأمر على ما هو عليه ، وهو مقتضى الكشف بأنّ المشيّة لا تتعلَّق إلَّا بمقتضى الحكمة ، والعلم والحكمة يعطيان أن ليس في قوّة استعداد الجمع وقابليتهم صلاحية الهداية ، بل في البعض ، فتعلَّقت المشيّة بهداية المهتدين بنوره ، لما في استعدادهم لقبول نور الهداية ، والذي لم يستعدّ للهداية في حقيقته وخصوصية عينه الثابتة ، لم تتعلَّق بهدايته المشيّة ، فلم يهتد ، وهذا مقتضى الكشف الصحيح والحقّ الصريح الرجيح ، فرزق الله أهل الكشف والتحقيق الاطَّلاع على هذا السرّ - وهو سرّ القدر - فنزع بذلك عن قلوبنا غلّ الاعتراض على الله بالجهل ، كما اعترض أهل الحجاب من الجمهور في أفعاله وأوامره وأحكامه ، ونسبوا إلى الله الظلم ، وأجاز بعضهم الظلم من الله - تعالى - على خلقه ، لأنّهم تحت تصرّفه وهو موجدهم وربّهم ، فله الحكم ، وعدّل منه الظلم ، وكلّ ما قالوا جهل بالحقائق ، لأنّ حقيقة الظلم لا تنقلب عدلا ، ثمّ الحكيم لا يريد ولا يفعل إلَّا ما اقتضته حكمته ، فهو لا يكلَّف نفسا إلَّا وسعها ، ولا يطلبها إلَّا ما آتاها ، وإلَّا فما هو بحكيم ، وحكم بخلاف حكمته وعلمه ، والله - تعالى - حكيم ، فهو لا يسومنا ما ليس فينا ، فافهم ، وهذا بيّن فللَّه الحجّة البالغة ، فما منّا أحد إلَّا له مقام معلوم ، فنحن - معاشر أهل الكشف والشهود - بحمد الله لم نقف مع علوم هؤلاء المجتهدين ، فكشف لنا بحمد الله ما وراء هذا السرّ ، وذلك بمقتضى أعياننا الثابتة في العلم الأزلي ، فالحكم للعين فينا إن كان لنا وجود حقيقي على ما تقرّر ، وإن لم يكن لنا وجود ، فالحكم لنا علينا أيضا كما مرّ مرارا ، فادّكر ، فما يصل إليك نور الوجود إلَّا بموجب استعدادك ، فإن كان على الوجه
370
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 370