نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 293
قال - رضي الله عنه : « وكذلك [1] من شبّهه وما نزّهه ، فقد قيّده وحدّده وما عرفه ، ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه ، ووصفه بالوصفين [2] على الإجمال ، لأنّه يستحيل ذلك على التفصيل [ لعدم الإحاطة بما في العالم من الصور ، فقد عرفه مجملا لا على التفصيل ] » [3] . قال العبد : وكما تقدّم القول في المنزّه بالتنزيه العقلي أنّه ناقص المعرفة ، لكونه مقيّدا للمطلق ومحدّدا لما لا حدّ له بما يخرجه ويميّزه عن جميع ما ينزّهه عنه ، فكذلك المشبّه من غير تنزيه غالط ، لأنّ التشبيه تقييد وتحديد أيضا للمطلق الذي لا حدّ له بقيده وحصره ، وهو المطلق بالذات والوجود ، لأنّه وصفه بوصف ذي حدّ ، وحدّه بحدّ ذي وصف معيّن ، وقيّده بذلك ، ذاهلا عن ضدّ ما قال به أو نقيضه وهو التنزيه ، ولقبوله - تعالى - الوصفين معا على الوجه الأكمل الأجمع ، وذلك لأنّ المشبّه يشبّهه - تعالى - بالجسمانيات ، ويحصره في ذلك المنزّه بنزهه عنها كذلك ، فكل واحد منهما يقيّده إذن بمفهومه ، ويحدّده بمعلومه ، وحقيقته - تعالى - تقتضي الإطلاق والحصر . ثم إنّ التشبيه يقتضي : مشبّها ، ومشبّها به ، ومشبّها ، وفيه اشتراك للحق بما يشبّه فيه بما يشبّهه به فيما يشبّهه به شبهه ، وحيث ورد التنزيه والتشبيه معا في إخباره - تعالى - عن نفسه في مفهوم العموم وفي معلوم أهل الخصوص ، أخبر عن نفسه في التشبيه في عين التنزيه والتنزيه في عين التشبيه ، وذلك في كتبه المنزلة ، وعلى ألسنة رسله المرسلة ، فالأخذ بأحدهما دون الآخر كفر به وبما أخبر عن نفسه من حيث أحد الوجهين ، وجنوح عن حق الإيمان ، ولكنّا آمنّا بما جاء عن الحق وشبّهنا كما أخبرنا به - تعالى - عن نفسه على الوجه الذي أراده من غير تحكَّم عقلي ولا تأويل فكري وعلى مقتضى المفهوم الأوّل من اللفظ والعبارة ، ونزّهنا أيضا من حيث ما ورد التنزيه في القرآن المجيد من غير تحكَّم عقلي ولا تسلَّط فكري ولا تأويل تقييدي بأمر دون أمر ، فقد وفّينا الحقيقة
[1] ف . م : لذلك . [2] في بعض النسخ : ووصفه بالوجهين . [3] عبارات مذكور بين علامتها در نسخه شارح افتاده است - جلال - .
293
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 293