نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 292
لكلّ عالم من صورة ، [1] فلذلك يجهل حدّ الحق ، فإنّه لا يعلم حدّه إلَّا بعلم [2] حدّ كلّ صورة ، وهذا محال حصوله ، فحدّ الحق محال » . قال العبد : لمّا كانت صورة العالم ظاهرية الحق ، وهويّته باطنه ، لزم أن يكون الحدّ الكامل لكل شيء هو بذكر حدّه آخذا ظاهره وباطنه ، والحق باطن الكلّ ، فإن لم يكن مذكورا في حدّ كل محدود ، لم يكن الحدّ كاملا ، وهو - تعالى - إنّ حدّ ، حدّ بجميع الحدّ على الحدّ الذي ذكرنا ، لا على الحدّ الرسمي للحدود في عرف الحكمة الرسميّة المنطقيّة ، ولكنّ الحقّ يتعيّن في كل محدود بحسبه وقدره ، فلا ينحصر في حدّ ولا في جميع الحدود المحدودة ، ولا ينحصر حدّه أيضا في الجمع من جميع الحدود إن انحصرت ، ولكنّها لا تنحصر أصلا ، فلا يحدّ الحقّ أبدا ، فهو حدّ كل شيء وليس له حدّ ، فلو حصل لنا الإحاطة بحدود جميع صور العوالم وأرواحها وحقائقها ومعانيها ، وانضبطت لنا حدودها ظاهرة وباطنة ، لتأتّى لنا من حدّه حدّه تعالى ، ولكنّها لا تنضبط ولا يحاط بها أبدا فلا يحدّ الحق . وأيضا : فإنّ الحق لا يتميّز بخصوصية تفصّله عن خصوصيّة ، وإلَّا لكان محدودا مقيّدا بتلك الخصوصيّة ، ولمّا لم تنحصر الصور ولم تنضبط التعيّنات غير المتناهية ، لم يكن حدّ الكلّ إلَّا بكلَّيّته مجملا ، وذلك أيضا اعتبار يعتبر مجملا ، فلم يكن حدّ الحق . وأيضا لأنّه - تعالى - أحديّة جمع جميع الحقائق الخصوصيّة والاشتراكيّة كلَّها ما تناسب وتشاكل وتباين وتنافي وتضادّ وتناقض ، فلا يعلم حدّه ، لكون الحدود [3] مصوّرة للمحدودات ومتحقّقة فيها فهي غير معلومة ، ولا يحاط بها في نفس الأمر ، فلا يلزم من عدم الإحاطة بالحدود والمحدودات ولا من عدم علمنا بالحدود كلَّها على سبيل الحصر كونه - تعالى - محدودا بحدود المحدودات كلَّها من كونه - تعالى - عين الكلّ إلى ما لا يتناهى مطلقا عن الانحصار في الحدود والمحدوديّة واللامحدوديّة . ذلك مبلغنا من العلم ولا يبلغ كلّ ما فيه ، وهذا غاية البيان ، والله المستعان .
[1] في بعض النسخ : من صوره . [2] في بعض النسخ : يعلم حدّ كلّ صورة . [3] م : لكون المحدود .
292
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 292