يوم القيامة . اللهم إلا أن يكون العائد من المسرحين في العوالم ، وعوده بالأمر الإلهي لتكميل الناقصين وإخراج المؤمنين وإنجائهم من نيران عالم التضاد ، أو لتكميل نفسه بما قدر له في الأزل ( ولم يحصل ذلك له في النشأة السابقة ) كظهور عيسى ، عليه السلام ، في النشأة الأولى بالنبوة ، وفي الثانية بختم الولاية . ولهذا المقام أسرار لا يمكن هنا إظهارها . والله الهادي [15]
[15] - واعلم ، أن ( المسرحين ) لسعة وجودهم وقوت همتهم يتمثلون بالأجسام المثالية بمشيئة الله . ولعل تعلق نفوسهم بأبدانهم أمر اختياري ، ولهذا صرح الشيخ البارع ، كمال الدين عبد الرزاق ، أستاذ الشارح القيصري ، أن ظهور عيسى ، عليه السلام ، في الدنيا إنما يكون بالبدن المثالي . ومن هذا القبيل رجعة أقطاب الوجود ، أي الكمل من العترة ، في العالم الدنيوي . وقد حققنا أن القول بالرجعة مما لا ساد عنه في مسلك البرهان . وأما القول برجوع بعض الناقصين لاستيفاء حظوظهم في الدنيا بالبدن المادي ، نسمي هذا الرجوع ( تناسخا ) . ومفسدة التناسخ رجوع الشئ من الفعلية إلى النقص ، و اقتضاء ذات الشئ عدمه . وما قيل إن هذا التناسخ جوزه الشرع ومنع غيره ، فكان هذا القائل زعم أن بطلان التناسخ شرعي لا عقلي . وأما ظهور عيسى ، عليه السلام ، في النشأة الثانية بختم الولاية ، لا يتحول وجوده من مقام ختميته للولاية العامة ، التي يرثها من الأولياء التي كانوا قبل ظهور عيسى ، إلى الولاية الخاصة المحمدية . وهذا الختم هو المهدى الذي ختم به جميع مدارج الولاية . ولا حظ لعيسى من الختمية التي كانت على قلب صاحب ( أو أدنى ) . ولذا صرح الشيخ على ما نقلنا عنه بطوله بأن عيسى وإن كان وليا خاتما في الظاهر ، ولكنه مختوم بالختم الخاص المحمدي الذي زاره الشيخ في مدينة فاس من بلاد المغرب وهو الخاتم على الإطلاق . وقد نقلنا كلام الشيخ من المجلد الثالث من الفتوحات في ( الفص الشيثي ) . قال الشيخ الكبير القونيوي في الفكوك إن الله صرح بعموم خلافة المهدى ، وأنه خليفة الله على الإطلاق . وصرح في التفسير أن النبي ( ص ) قال : ( إن لله خليفة يملأ الأرض قسطا . . . ) . وأضاف خلافته إلى نفسه . وأما ما قال الشارح : ( لهذا المقام أسرار ) ولعله أراد ما ذكره الشيخ الأكبر ونقلنا عنه . والشارح لا يظهر الأسرار ، لخوفه من حاكم العثماني الذي بنى له مدرسة قد أو منشأ عدم إظهاره الأسرار ، الخوف من فقهاء عصره ومحدثي زمانه . ( ج )