ولما كانت ذاته تعالى مقتضية لشؤونه دائما ، يكون تجلياته دائمة وظهوراته مستمرة ، وشؤونه وتعيناته متعاقبة . وإنما قلنا ( في زمان واحد ) كما قال الشيخ أيضا ، فكان زمان عدمه عين زمان وجوده ، لأن أقل جزء من الزمان منقسم بالآنين ، فيحصل في آن منه إيجاد وفي الآخر إعدام . ( ولا تقل ( ثم ) يقتضى المهلة ، فليس ذلك بصحيح . ) أي ، لا تقل لفظة ( ثم ) الواقعة في قولك : ( بل الإنسان لا يشعر أنه في كل نفس لا يكون ، ثم يكون ) مقتضى المهلة ، فعدم الكون والكون لا يكون في زمان واحد . لأن ( ثم ) قد تجئ للتقدم كقوله : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) . وقوله : ( ثم كان من الذين آمنوا ) . إذ لا مهلة بين خلق الأرض وخلق السماء ، ولا بين إطعام المسكين وبين كونه من المؤمنين . وإليه أشار بقوله : ( وإنما هي يقتضى تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة ، كقول الشاعر : ( كهز الردينى ، ثم اضطرب ) . و زمان الهزعين زمان اضطراب المهزوز بلا شك ، وقد جاء ب ( ثم ) ولا مهلة . ) يجوز أن يكون ( العلية ) بفتح العين ، من العلو . أي ، العالية الشريفة . وبكسرها ، مع تشديد اللام ، من العلة . لأن ( ثم ) يقتضى الترتيب والتراخي ، والترتيب يقتضى تقدم البعض على الآخر . وذلك قد يكون بالزمان ، وقد يكون بالرتبة والشرف ، وقد يكون بالذات ، كما في العلية والمعلولية . لكن الأول أنسب ، لأن التقدم بالرتبة والشرف أعم من التقدم بالعلية ، فهو أكثر وجودا ، وإن كان المثال الذي ذكره الشيخ فيه العلية والمعلولية . ( كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس زمان العدم زمان وجود المثل ، كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . ) أي ، كما أن زمان ( الهز ) عين زمان اضطراب المهزوز ، وكذلك زمان العدم عين زمان وجود المثل في تجديد الخلق . وإنما شبه بقول ( الأشاعرة ) في الأعراض ، لأن قوله بالتبدل في جميع الجواهر والأعراض لا في الأعراض وحدها . وقد مر تحقيقه من قبل . ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته ) من الإيجاد والإعدام . ( فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك