للعبد ، وبكونه لم يكن ، ثم كان ) هذا تعليل قوله : ( الهوية مندرجة في العبد ) أي ، في اسمه لا غير . وذلك لأنه تعالى عين ما ظهر ، وسمى بالاسم الخلقي ، كما مر أن صور الموجودات كلها طارية على النفس الرحماني ، وهو الوجود ، والوجود هو الحق ، فالحق هو الظاهر بهذه الصور ، وهو المسمى بالخلق . وبما ظهر في صور الموجودات ، حصل الاسم ( الظاهر ) ، ويكون العبد ، أي الخلق ، لم يكن ثم كان ، حصل الاسم ( الآخر ) للحق الظاهر في صورة العبد ، فإنه اسمه ( الآخر ) ، لأنه آخر الموجودات التي هي الأسماء ظهورا في العين الحسية ، وإن كان أول الأسماء حقيقة في العلم والمرتبة الروحية . فالإسم ( الآخر ) بعينه هو الاسم ( الأول ) ، وكذلك ( الظاهر ) بعينه هو ( الباطن ) . ( وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه ، كان الاسم ( الباطن ) و ( الأول ) ) أي ، بسبب توقف وجود العبد وظهوره على الله وبسبب صدور العمل من الله حقيقة من باطن العبد ، وإن كان من العبد ظاهرا ، حصل الاسم ( الباطن ) و ( الأول ) . أو بتوقف ظهور الحق على العبد وبتوقف صدور العمل من الحق عليه ، حصل بالعبد الاسم ( الباطن ) و ( الأول ) . وهذا أنسب من الأول . لأنه قال : ( و به ) أي بما ظهر . ( وسمى خلقا ) حصل الاسم ( الظاهر ) و ( الآخر ) ، فكذلك هنا بالعبد يحصل ( الباطن ) و ( الأول ) . لذلك قال : ( فإذا رأيت الخلق رأيت ( الأول ) ) أي ، رأيت الهوية الموصوفة بالأولية . ( و ( الآخر ) و ( الظاهر ) ) لأن الخلق المرئي آخر مراتب الوجود ، فهو ( الآخر ) و ( الظاهر ) . ( والباطن ) أي ، ورأيت ( الباطن ) من حيث روحه وجميع ما في عينه . ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان ، عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعنى ، الظهور به في عالم الشهادة . ) أي ، لا تفوت مثل هذه المعرفة عن سليمان ، لأنه من المرسلين لكافة الخلائق جنا وإنسا ، و من الخلفاء المتصرفين في الرعية . وقد علمت أن الخليفة لا بد وأن يكون متحققا بالأسماء الإلهية ومعرفتها ، ليمكن له التصرف بها في العالم . وإنما جعل المعرفة من الملك ، لأن الملك دولة الظاهر وسلطنته ، وهي لا تحصل إلا بروحها التي