( فأراد أن يفصل بينه وبين ربه حتى يعلم أنه هو ) أي ، ليعلم أن عيسى هو العبد . ( لكونه عبدا ) في الواقع . ( وأن الحق هو الحق ، لكونه ربا له ، فجاء لنفسه بأنه شهيد ، وفي الحق بأنه رقيب . ) أي ، أراد عيسى ، عليه السلام ، أن يفصل بينه وبين ربه ، فجاء لنفسه بالشهيد ، وللحق بالرقيب . و ( الشهيد ) تارة يؤخذ بمعنى المشاهد ، فيكون بمعنى الرقيب . وتارة يؤخذ بمعنى الشاهد الذي يشهد على الشخص والحاضر عنده . ولما كانت الأنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة بالمعنى الأخير ، أتى في حق نفسه بالشهيد وفي الحق بالرقيب ، لأنه يشهد عليهم ما دام فيهم لا غير ، والحق رقيب عليهم أزلا وأبدا حيث كانوا دنيا و آخرة . ( وقدمهم في حق نفسه ، فقال : ( عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) . إيثارا لهم في التقدم وأدبا ، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله : ( الرقيب عليهم ) لما يستحقه الرب من التقدم بالرتبة . ) أي ، قدم ضمير ( هم ) على الاسم ( الشهيد ) الذي جاء لنفسه بقوله : ( عليهم شهيدا ) وأخر ضمير ( هم ) عن الاسم ( الرقيب ) في قوله : ( كنت أنت الرقيب عليهم ) لما يستحق الرب من التقديم في المرتبة ، و تأخير ما جاء لنفسه ، لإيثار التقدم ولمراعاة الأدب بين يدي الحق ، إذ الكلام معه ، أو الأدب معهم ، لأنهم أيضا مظاهره ، وليتعلموا منه ذلك فيتأدبوا . وأيضا ، التقديم يفيد الحصر ( 66 ) فهو في حق الحق صادق ، إذ معناه : أنت الرقيب عليهم لا غيرك ، وفي حق نفسه لم يصدق ، لأنه ليس هو الشهيد عليهم فقط . ( ثم ، أعلم ) على صيغة الماضي من ( الإعلام ) . ( أن للحق ( الرقيب ) الاسم الذي جعله عيسى لنفسه وهو ( الشهيد ) في قوله : ( عليهم شهيدا ) فقال : ( و
66 - قوله : ( وأيضا ، التقديم يفيد الحصر . . . ) . هذا منه غريب . فإن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر . والمتعلق حقه التأخير . نعم ، يستفاد الحصر من ضمير الفصل ومن قوله : ( كنت عليهم شهيدا ) أي ، لا على غيرهم . كما لا يخفى . ( الامام الخميني مد ظله )