والمقصود ، أن أعيان العالم هي التي ظهرت على النفس الرحماني ، و بظهورها نفس الله تعالى عن الكرب الذي كان يجده في نفسه ، لأن الأسماء التي هي النسب كانت طالبة لظهورها وأحكامها ، والأعيان الثابتة كانت طالبة لكمالاتها ، فكانت كرب الرحمان ، فبظهورها وظهور آثارها زال ذلك الكرب ، فامتن الله بنفسه على نفسه بما أظهره في نفسه من صور أعيان الموجودات . ولما كان التنفيس للحق من حيث الأسماء ، لا من حيث الذات الغنية عن العالمين ، قال : ( نفس الله ) من الأسماء . و ( ما ) في ( ما تجده ) بمعنى ( الذي ) ، وضمير الفاعل عائد إلى ( الأسماء ) . ( فأول أثر كان للنفس الرحماني ، إنما كان في ذلك الجناب ، ثم لم يزل الأمر ينزل بتنفيس الغموم إلى آخر ما وجدا . ) أي ، فأول أثر حصل من النفس الرحماني ، كان في الجناب الإلهي ، أي ، أول ما نفس من الاسم ( الله ) ، ثم من باقي الأسماء الكلية ، ك ( الرحمان ) و ( الرحيم ) ، ثم من الأسماء التالية لها إلى أن نفس من الأسماء الجزئية التي يقتضى أعيان الموجودات الشخصية وتوابعها من الجزئيات المضافة إليها والتابعة لها . وفيه إشارة إلى ما مر في المقدمات من أن أول ما تعين من الأعيان والمهيات في العلم ، عين الإنسان الكامل التي هي المظهر للإسم ( الله ) ، ولكونها جامعا للأسماء له أشد الكرب ، فوجب أن يكون أول التنفيس من جنابه ، ثم من غيره من الحضرات . ( فالكل في عين النفس * كالضوء في ذات الغلس ) ( الغلس ) ظلمة آخر الليل . إنما شبه حصول جميع الأعيان الموجودة والأكوان الظاهرة والآثار الصادرة منها في عين النفس الرحماني بالضوء الحاصل في ظلمة الليل ، إشارة إلى قول رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق الخلق في ظلمة ، ثم رش عليهم من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور ،