غيره من الموجودات إلا بما باشر الحق بيديه في خلقه ، ليجمع بين الصفات المتقابلة ، وباشر غيره بيد واحدة ، ليظهر بصفة واحدة بلا واسطة ، كالصنف الأول ، أو بواسطة كالصفوف التي بعده . ( فالإنسان في الرتبة فوق الملائكة الأرضية والسماوية ، والملائكة العالون خير من هذا النوع الإنساني [51] بالنص الإلهي . ) النص الإلهي قوله تعالى : ( أم كنت من العالين ؟ ) وقال في الفتوحات : ( إني رأيت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فسألته أن الإنسان أفضل أم الملائكة ؟ فقال ، عليه السلام : ( أما سمعت بأن الله
[51] - واعلم ، أنه إن كان المراد من النوع الإنساني الحقيقة الإنسانية التي تشتمل على جميع المراتب والدرجات الوجودية من الكونية والبرزخية والعقلية ، ولا شك أنها أكمل من ( العقل الأول ) الذي هو واسطة ظهور ما سوى الله ، وله مقام تسطير الرقوم والنقوش الإمكانية . وإن كان مراده أن بعض أنواع الملائكة ، ومنها الملائكة التي خارجة عن الوساطة ، أفضل من إنسان ، ولا شك أن الحقيقة الإنسانية أكمل وجودا وأتم درجة . و إن كان المراد أن نوع الملائكة الجبروتية أشرف من الحقيقة الإنسانية ، وقلنا إن ملاك الأكملية إنما هي السعة الوجودية واشتمالها على جميع من في السماوات والأرضين ، لكونها جامعة لجميع الحضرات . وصرحنا أن ملاك الأشرفية التنزه عن المادة ولوازمها ، ولا منافاة بين ما هو أشرف مما هو أكمل منه . وإن كان المراد من ( العالين ) التي زعم الشيخ أنها أفضل من نوع الإنسان ، المهيمين من الملائكة ، وقد عرفت أن هذه الملائكة ، أو هذا النوع من الملك ، لشدة هيمانه وفنائه لا تعرف نفسه ولا يعلم أن الله خلق آدم وإبليس و غيرهما ، فضلا عن كونه مأمورا على سجدة آدم . ولا يمكن الاستدلال بما زعمه الشيخ الكبير . واعلم ، أن النوع الإنساني ، أي الماهية الكلية الإنسانية لا الحقيقة الإنسانية ليس له حكم ، لأن الماهية من حيث هي ليست إلا هي ، وأن ملاك الأشرفية والأفضلية إنما هو في أفراد نوع الإنسان لا الماهية التي تقال في جواب ما هو . ومما حققناه ظهر أن استدلال الشيخ بقوله تعالى : ( أم استكبرت أم كنت من العالين ) لا يخلو عن فتور و ضعف ، لأن العالمين لمكان فنائهم في الله وهيمانهم من ناحية تجلى الحق فيهم بالأسماء الجلالية ، غير مأمورين بالسجود لآدم . وكيف يمكن إطاعة أمر الله بالسجود لشئ مع عدم العلم بالأمر والمسجود والفناء التام في الآمر ؟ ( ج )