( فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم ، وليس إلا النفس الإلهي . ) أي ، فلهذا خرج العالم يتقابل بعضها بعضا ، كما يتقابل الأسماء بعضها بعضا . فهو موجود على صورة من أوجدهم . وليس ذلك الموجود إلا ( النفس الرحماني ) . و ضمير المفعول في ( أوجدهم ) عائد إلى ( العالم ) . جمعه باعتبار ( الأعيان ) . واعلم ، أن ظاهر هذا الكلام أن ( النفس الرحماني ) عين المرتبة الإلهية ، و في الحقيقة هو التجلي الوجودي الظاهر عن المرتبة الإلهية ، وصورتها الحاملة أحكام الأسماء ، ولهذا نسب إلى ( الرحمان ) الذي هو الاسم الجامع . ولما كان حاملا لما في المرتبة الإلهية من الأسماء وأحكامها وصورة كلية لها ، جعل النفس عين من أوجدهم ، كما يقال لنبينا ، صلى الله عليه وسلم ، الاسم الأعظم . وهو صاحبه ، لكونه مظهرا للإسم ( الله ) . ( فيما فيه من الحرارة علا ، وبما فيه من الرطوبة والبرودة سفل ، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل ، فالرسوب للبرودة والرطوبة . ألا ترى الطبيب إذا أراد سقى دواء لأحد ، ينظر في قارورة مائه ، فإذا رآه رسب ، علم أن النضج قد كمل ، فيسقيه الدواء ليسرع في النضج . وإنما يرسب لرطوبته وبرودته الطبيعية . ) ضمير ( فيه ) عائد إلى ( النفس ) . أي ، فيما فيه هذه الكيفيات المتقابلة المتضادة علا بعض الأعيان لاقتضاء الاسم الحاكم عليه العلو ، كالنار والهواء والملائكة التي فيها ، وسفل بعضها لكون ربه طالبا للمركز في الوجود ، كالتراب . وإنما يحصل الرسوب في الماء المستشهد [48] لأنه مشتمل على الأركان الأربعة .
[48] - قوله : ( في الماء المستشهد ) أي ، الماء القارورة على اصطلاح الأطباء . ( ج )