بعضهم . ولو كان اندراج الأجزاء المثالية الروحانية في الأجزاء الجسمانية موجبا لصيرورة البدن بدنا مثاليا ، لكانت أبداننا أيضا أبدانا مثالية ، إذ لا يمكن أن يوجد منها جزء مجرد عن الأجزاء الروحانية التي هي من جنس الجوهر المثالي ، و هي الروح الساري في أجزاء البدن . ( فالموجودات كلها كلمات الله التي لا تنفد ، فإنها عن ( كن ) ، و ( كن ) كلمة الله . ) لما كان كلامه في عيسى وأنه كلمة من كلماته تعالى الصادرة بقول ( كن ) ، أعقب بأن الموجودات كلها كلمات الله التي لا نهاية لها ، فإنها كلها صادرة عن قول ( كن ) ، كما قال : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) [26] و ( كن ) أيضا كلمته ، إلا أنه أصل لتكوين غيرها من الكلمات . والفرق بينه وبين غيره من الكلمات ، أنه كلمة قولية صادرة من الاسم ( المتكلم ) ، وغيره كلمة وجودية . وإطلاق الكلمات عليها مجاز ، من قبيل إطلاق اسم السبب على المسبب بهذا الاعتبار . وإن كان باعتبار آخر على الحقيقة ، وهو : أن كلا من الكلمات القولية والوجودية عبارة عن تعينات واقعة على النفس ، إذا القولية واقعة على النفس الإنسانية ، والوجودية على النفس الرحماني . كما مر في صدر الكتاب وسيأتي في هذا الفص . ( فهل تنسب الكلمة إليه بحسب ما هو عليه ، فلا تعلم نفس ماهيتها ؟ أو تنزل هو تعالى إلى صورة من يقول ( كن ) فيكون . قول ( كن ) حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها وظهر فيها . ) ( اللام ) في ( الكلمة ) للعهد ، والمعهود كلمة ( كن ) ، وضمير ( إليه ) عائد إلى الحق . وقوله : ( فلا تعلم ) وقوله ( فيكون ) جواب للشرط المقدر . معناه : هل تنسب كلمة ( كن ) إلى الله تعالى بحسب ما هو عليه في مرتبة إلهيته ؟ أو تنسب إليه بحسب تنزله تعالى إلى مرتبة الأكوان . فإن كان بحسب ما
[26] - ولا يخفى أن الآية الكريمة لا تدل على أن الكلمات صادرة عن قول ( كن ) ، بل بالصراحة تدل على أنها صادرة عن ( إرادة ) قول ( كن ) . فلا تغفل أيها المستر شد . ( ج )