( وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء ، فمن جهة نفخ جبرئيل في صورة البشر ، فكان عيسى يحيى الموتى بصورة البشر . ) أي ، قوة الإحياء والإبراء التي كانت في عيسى ، عليه السلام ، هي مستفاد من نفخ جبرئيل في مريم ، عليها سلام الله ، حين تمثل في صورة البشر ، كما استفاد التواضع من مريم ، فإن الهيئات الغالبة على نفوس الوالدين حال اجتماعهما مؤثرة في نفس الولد وسارية فيها . فكذلك ظهر عيسى بحيث يحيى الموتى وتبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، كما ظهر من جهة أمه متواضعا . ( ولو لم يأت جبرئيل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية ، من حيوان أو نبات أو جماد ، لكان عيسى ، عليه السلام ، لا يحيى الموتى إلا حين يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها . ) أي ، ولو أتى جبرئيل على صورة غير الصور الإنسانية ، لكان عيسى يظهر بتلك الصورة ، إذ الولد أكثر مشابهة لوالده من غيره . أو حين الإحياء ، كما يظهر بتلك الصورة ، ليؤثر ويتصرف في غيره ، لأن للصورة أيضا مدخلا في العلية . لذلك يخلق من نطفة الإنسان من هو على صورته ، ومن نطفة الحمار ما هو على صورته . فيتحفظ صور الأنواع بمراعاة الصور . ( ولو أتى جبرئيل بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية ، لا العنصرية . ) أي ، لو ظهر جبرئيل بصورته النورية التي له في السدرة الخارجة عن طبيعة السماوات والعناصر - فإن كلها عنصرية - لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين تظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية ، لأن تلك الصورة أيضا جزء للعلة ، وهي له طبيعية ، والشئ لا يخرج عن طبيعته بمجرد تنزله إلى مرتبه ما هو تحته . ففي الكلام تقديم وتأخير . هذا على أن ( إذ )