الغريزية الصالحة للتوليد . كما مر أن العارف بهمته يخلق ما يشاء ، لكونه متصفا بالصفات الإلهية ، والعادة التي هي السنة الإلهية لا تمنع القدرة الخارقة لها . فبولادة عيسى من غير أب ثبت الأقسام الأربعة التي للولادة : وهو حصول الولد من غير أبوين ، وحصوله بهما ، وبالذكر وحده ، وبالأنثى وحدها . ( فسبحان الذي هو على كل شئ قدير . فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق . ) قوله : ( وخرج على صورة البشر من أجل أمه ومن أجل تمثل جبرئيل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد . ) جواب سؤال مقدر . وهو قول القائل : لما كان النافخ جبرئيل ، والولد سر أبيه ، كان الواجب أن يظهر عيسى على صورة الروحانيين . فقال : إنما كان على صورة البشر ، لأن الماء المحقق كان من أمه وهي بشر ، ولأجل تمثل جبرئيل عند النفخ بالصورة البشرية والصور التي يشهدها المرأة ويتخيلها حال المواقعة ، لها تأثير عظيم في صورة الولد . حتى قيل : إن امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية . ولما سئل عنها ، أخبرت بأنها حين المواقعة رأت حية . ثم علل الشيخ تمثل جبرئيل بصورة البشر بقوله : ( حتى لا يقع التكوين ) أي ، الإيجاد في هذا النوع ، إلا على السنة المعتادة . وأيضا ، الصورة الإنسانية هي أشرف الصور . وأيضا ، لو كان على صورة غيرها ، لما حصلت المناسبة بينه و بين العباد المبعوث إليهم ، لكنه واجب أن يخلق عليها للدعوة ، كما قال : ( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ) . ( فخرج عيسى يحيى الموتى ، لأنه روح إلهي ، وكان الإحياء لله والنفخ لعيسى ، كما كان النفخ لجبرئيل والكلمة لله . ) لما كان وجود عيسى ، عليه السلام ، بالنفخ الجبرئيلي بلا واسطة أب بشرى وروحه فائضا من الحضرة الإلهية بلا واسطة روح من الأرواح أو اسم من الأسماء ، [16] حصل في الوجود الخارجي متصفا بالصفة
[16] - قوله : ( أو اسم من الأسماء ) أي اسم خاص من الأسماء . بل بتوسط الاسم الجامع . وإلا فالفيض من الحضرة الإلهية بلا توسط اسم مطلقا ، غير مفاض . فإن الذات من حيث هي ، بل من حيث مقامها الأحدي ، غير مربوط بالخلق ، ولم يكن منشأ للآثار والفيوضات . وقد أشبعنا التحقيق في ذلك في رسالتنا الموسومة بمصباح الهداية . ( الامام الخميني مد ظله )