مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ) . فتذكرت ذلك وزال انقباضها ، فخرج عيسى ، عليه السلام ، منبسطا منشرح الصدر [15] ( وكان جبرئيل ناقلا ( كلمة الله ) لمريم ، كما ينقل الرسول كلام الله لأمته . ) أي أخذ الكلمة العيسوية جبرئيل من الله ، فنقلها إلى مريم من غير تصرف فيها ، كما ينقل الرسول كلام الله لأمته من غير تغير وتبديل . وفي هذا التشبه إيماء إلى تشبيه الكلمة الإلهية الروحانية بالكلمة اللفظية الإنسانية ، لأن كلا منهما إنما يحصل بواسطة التعين اللاحق على النفس في مراتبه التي تعبر النفس عليها . والفرق أن هذه الكلمة تعينها يعرض على النفس الإنساني ، والكلمة الروحانية تعينها يعرض على النفس الرحماني . وبهذا الاعتبار تسمى الأرواح ، بل الموجودات كلها ، بكلمات الله . كما مر بيانه في صدر الكتاب . ( وهو قوله : ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) . ) الضمير عائد إلى ( كلام الله ) أي ، ذلك الكلام المنقول مثل قوله تعالى : ( وكلمته ألقاها إلى مريم و روح منه ) . وإنما أتى بالآية المعينة ، لكونها دالة على ما هو في صدد بيانه . و تلك الكلمة المنقولة هو الذي قال تعالى عنه : ( وكلمته ألقاها إلى مريم ) . و تذكير الضمير باعتبار المعنى وهو عيسى ، عليه السلام . أو يكون عائدا إلى ( النقل ) الذي يتضمنه قوله : ( ناقلا ) . أي ، وذلك النقل ثابت بقوله تعالى : ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) . وهذا أنسب . ( فسرت الشهوة في مريم وخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبرئيل . سرى في رطوبة ذلك النفخ من الجسم ، لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء . ) اعلم ، أن للشهوة روحا معنويا . وهي المحبة الذاتية التي كانت سببا لوجود العالم ، كما قال : ( فأحببت أن أعرف ) . فلما تعلق
[15] - قوله : ( انبسطت عن ذلك . . . ) وإنما قبلت مريم عليها السلام ، قوله بمجرد الإظهار و انبسطت من قوله إما لما ذكره الشارح ، أو لحصول الروح المعنوي لها ، أو لكليهما . ( الامام الخميني مد ظله )