الدرجة ( كان ) الحق ( غنيا عن العالمين وفاعلا أولا ، فإن الصورة ) أي ، الصورة النوعية التي هي الحقيقة الإنسانية المخلوقة على صورة الحق ( فاعل ثان . ) أما كونه فاعلا ، فلأنه خليفة في العالم ، متصرف في أعيانها كلها . وأما وقوع فعله في ثاني المرتبة ، فلأن فعله على سبيل التبعية والخلافة ، لا الأولية والأصالة . ( فما له الأولية التي للحق ) أي ، فليس للإنسان الأولية الحقيقية التي للحق إذا أوليته غير أولية الأعيان ، كما مر في أول الكتاب . ( فتميزت الأعيان بالمراتب ) أي ، تميزت الأعيان الكونية من الحق تعالى بمراتبها التي اتصفت بها في الأزل وتميز بعضها عن بعض بحصة من عين تلك المراتب ، إذ لكل منها مرتبة معينة وحد مخصوص واستعداد مناسب أفاض الحق لها بالفيض الأقدس . كما قال تعالى : ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . ( فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف . ) أي ، كل من عرف الحقائق والمراتب ، أعطى كل عين حقها وما نقص عنه ولا زاد عليه . ( فلهذا كان حب النساء لمحمد ، صلى الله عليه وسلم ، عن تحبب إلهي ، و إن الله ( أعطى كل شئ خلقه ) ) أي ، ولأجل أن العارف المحقق يعطى حق كل ذي حق ، كان حب النساء في القلب المحمدي عن تحبب إلهي ، أي ، جعل قلبه محبا للنساء لاقتضاء أعيانهن أن تكن محبوبات للرجال واقتضاء أعيانهم حبهن . ( وهو عين حقه ) أي ، ذلك العطاء عين حق ذلك الشئ ، فحب محمد ، صلى الله عليه وسلم ، للنساء عين حق محمد ، لأن أعيان الرجال يقتضى حب النساء ، وان كان من وجه آخر الرجل محبوبا للمرأة ومعشوقا لها ، والمرأة محبة وعاشقة له . وباجتماع صفتي العاشقية والمعشوقية في كل منهما حصل الارتباط بينهما وسرت المحبة في جميع المظاهر ، فصار كل منهما عاشقا من وجه ، معشوقا من وجه ، كما أن الحق محب من وجه ، محبوب من وجه ، فصارت المحبة رابطة بين الحق والخلق أيضا . ( فما أعطاه ) أي ، فما أعطى الحب لمحمد ، صلى الله عليه . ( إلا باستحقاق استحقه بمسماه ، أي ، بذات ذلك المستحق . ) أي ، عين المستحق طلب