موسى ، لأن ( الحبل ) في أصل اللغة التل الصغير . فنسبة مقاديرهم إلى قدر موسى عند الله كنسبة التلال الصغيرة إلى الجبال الشامخة . ( فلما رأت السحرة ذلك ، علموا رتبة موسى في العلم ، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر ، وإن كان مقدورا لبشر ، فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام ، فآمنوا برب العالمين ، رب موسى وهارون . أي ، الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون ، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون . ) أي ، لأن السحرة علموا أن موسى ما يدعو الخلق إلى فرعون ، بل إلى الحق المطلق . ف ( اللام ) في قوله : ( لفرعون ) بمعنى ( إلى ) . ( ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت وأنه الخليفة بالسيف ) أي ، خليفة الدولة الظاهرية . ( وإن جار في العرف الناموسي ، لذلك قال : ( أنا ربكم الأعلى ) أي ، وإن كان الكل أربابا بنسبة ما ، فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم . ) ( جار ) من ( الجور ) . وهو إشارة إلى ما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( أطيعوا أميركم وإن جار ) أي ، وإن ظلم [28] ولذلك قال : ( في العرف الناموسي ) . وقوله : ( في العرف ) متعلق بمحذوف . تقديره : كما ثبت في العرف الناموسي . و ( قال ) جواب ( لما ) : أي ، لما كان في منصب التحكم وخليفة في الظاهر بالسيف ، قال : ( أنا ربكم الأعلى ) واعلم ، أن الرب المطلق ، بمعنى المالك والمصلح والسيد وغيرها من المعاني التي يطلق ( الرب ) عليها ، هو الله تعالى وحده ، لا اشتراك فيه لأحد . والرب المضاف يطلق على الحق تعالى ، كقوله : ( الحمد لله رب العالمين ) ويطلق لغيره أيضا ، كقولهم : رب الدار ورب الغلام و
[28] - والعقل يأبى عن إطاعة الحاكم الجائر ، ولذلك قال عليه السلام : ( أيما وال ولى من أمر أمتي بعدي أقيم على الصراط ونشرت الملائكة صحيفته ، فإن كان عادلا ، نجاه الله بعدله . وإن كان جائرا ، انتفض به الصراط انتفاضة تزايل بين مفاصله حتى يكون بين عضوين من أعضائه مسيرة مأة عام ، ثم ينخرق به الصراط ) . ( ج )