كان يعبده . كما ذكرنا أبياتا في هذا المعنى : عبدنا الهوى أيام جهل وإننا * لفي غمرة من سكرنا من شرابه وعشنا زمانا نعبد الحق للهوى * من الجنة الأعلى وحسن ثوابه فلما تجلى نوره في قلوبنا * عبدنا رجاء في اللقاء وخطابه فمرجع أنواع العبودية الهوى * سوى من يكن عبدا لعز جنابه ويعبده من غير شئ من الهوى * ولا للنوى من ناره وعقابه وقوله : ( هو الإرادة بمحبة ) تفسير للهوى . أي ، الهوى هو الإرادة النفسانية مع المحبة الإلهية . ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ، ما اتخذها إلا بالهوى [7] فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ، ثم ، رأى المعبودات تتنوع في العابدين ) ( ثم ) عطف على قوله : ( إنه لما رأى هذا العابد ) . أي ، لما رأى الحق هذا العابد ، ما عبد إلا هواه ، ثم رأى المعبودات الكونية والاعتقادية متنوعة عند العابدين إياها ، أضله الله . ( فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه ، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى ، بل لأحدية الهوى ، فإنه عين واحدة في كل عابد ) لما كان الاتحاد مشعرا بالإثنينية السابقة على الاتحاد ، أضرب عنه فقال : ( بل لأحدية الهوى ) ليفيد أنه حقيقة واحدة لا تكثر فيها ، وهي عين الأحدية الإلهية . ثم ، صرح بقوله : ( فإنه عين واحدة ظاهرة في كل عابد . ) ( فأضله الله ) أي ، حيره الله ( على علم ) بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده
[7] - ولذلك أطلق بعض المتأخرين - كالشيخ العراقي - اسم ( العشق ) على الحقيقة الغيبية ، و ( المعشوق ) على الأحدية التي هي الحقيقة الواجبية عند الحكماء ، و ( العاشق ) على الحقائق الإمكانية . فلا مشاحة في الألفاظ والاصطلاح .