بذلك . وأما حكمة وصيته في نهيه إياه : ( ألا تشرك بالله فإن الشرك لظلم عظيم ) ) فتنبيه لابنه ، ولكل من يسمع هذا الكلام ، على أن الشريك منتف في نفس الأمر إذ العين الواحدة الأحدية هي الظاهرة في كل من الصور ، فجعل إحدى الصورتين شريكا للأخرى إشراك للشئ مع نفسه . وهو ظلم عظيم . ولما ذكر أن الشرك ظلم ، فلا بد ممن وقع عليه الظلم ، قال : ( والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام . ) أي ، المظلوم هو المحل الذي وصفه المشرك الظالم بالانقسام إلى الإثنينية ( وهو عين واحدة ) أي ، والحال أن المحل القابل للصور والإضافات عين واحدة ، لا تكثر فيها ولا انقسام . ( فإنه لا يشرك معه إلا عينه . وهذا غاية الجهل . ) أي ، لأن المشرك إذا أشرك مع الحق إلها أخر ، لا بد أن يكون موجودا ، وكل ماله وجود فهو متحقق بالوجود الذي هو الحق ، فما أشرك معه إلا عينه لا غيره . وهذا عين الجهل بالحقيقة والإله . ( وسبب ذلك ) ( ذلك ) إشارة إلى قوله : ( فإنه لا يشرك معه إلا عينه . ) أي ، وسبب ذلك الإشراك : ( أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ، ولا بحقيقة الشئ ، إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة ، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام . ) أي ، جعل العين الواحدة الحاملة للصور الوجودية منقسما ، فجعل لكل صورة جزءا منها [8] ( ومعلوم في الشريك أن الامر الذي يخصه . ) أي ، القسم الذي يخص الشريك ( مما وقعت فيه المشاركة ليس عين القسم الآخر الذي شاركه ، إذ هو للآخر . ) لأن الفرض أن ذلك القسم الآخر . ( فإذا ما ثمة شريك في الحقيقة ، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه وسبب ذلك الشركة المشاعة ) أي ، وسبب ذلك القول - أي القول بوجود الشريك - هو الاشتراك في العين الواحدة الغير المنقسمة . فقوله : ( الشركة المشاعة ) خبر للمبتدأ .