وإنما جعل ( المعلوم ) أعم من ( الشئ ) ، بناء على قول من قال : إن المعدوم ليس بشئ ، والموجود هو الشئ ، فالمعلوم أعم منه . لأن علم الحق محيط بكل ما وجد ولم يوجد ، سواء كان ممكنا أو ممتنعا . وأما على قول من قال : إنه شئ ، فمتساويان . وعلى تقدير التساوي أيضا يكون الحق أنكر النكرات . ( ثم ، تمم الحكمة واستوفاها ، لتكون النشأة كاملة فيها ) أي ، لتكون هذه النشأة اللقمانية كاملة في الحكمة والمعرفة بالله . ( فقال : ( إن الله لطيف ) . فمن لطافته ولطفه أنه في الشئ المسمى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشئ . ) أي ، ومن غاية لطفه صار عين الأشياء المتبائنة ، المسماة بالأسماء المختلفة ، المحدود بالحدود الخاصة . ( حتى لا يقال فيه ) أي ، في ذلك الشئ المسمى باسم معين . ( إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح . ) ( اسمه ) عطف بيان ( ما ) . أي ، و ذلك الشئ معين باسم كذا وحد كذا ، حتى لا يطلق عليه ولا يقال فيه إلا ما يدل عليه من الاسم الذي تواطؤوا عليه واصطلحوا به . ف ( التواطؤ ) بمعنى التوافق . ( فيقال : هذا سماء وأرض وصخرة وشجرة وحيوان وملك ورزق و طعام . ) والحال أن ( العين واحدة من كل شئ . ) أي ، من الأشياء الموجودة المسماة بالأسامي المختلفة . ( وفيه ) أي ، في تلك العين الواحدة في كل شئ . ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر ، فهو جوهر واحد . فهو عين قولنا : العين واحدة . ) أي ، قولهم العالم كله جوهر واحد ، هو بعينه قولنا إن العالم عين واحدة . ( ثم قالت ) أي الأشاعرة . ( ويختلف بالأعراض . وهو قولنا : ويختلف و يتكثر بالصور والنسب حتى يتميز . فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه ( كيف شئت فقل ) وهذا عين هذا من حيث جوهره . ) أي ، قول الأشاعرة إن العالم جوهر واحد يختلف بالأعراض ، هو بعينه قولنا إن العالم عين واحدة ، ظاهرة بالصور المختلفة ومتكثرة بالأعراض المتبائنة والأمزجة المتفاوتة ( 5 ) ، فيقول : هذا عين هذا من حيث الجوهر والحقيقة الواحدة . وهذا غير ذلك من