نؤمن بالآية حتى نؤتى مثل ما أوتى الرسول المبلغ إياها . ف ( رسل الله ) ( الله ) جملة أخرى . أي ، رسل الله هم مظاهر الله . و ( أعلم ) خبر مبتداء محذوف . أي ، هو أعلم حيث يجعل رسالاته . والثاني ، ( الله ) مبتدأ و ( أعلم ) خبره . فهو كلام مستأنف . والوجه الأول وإن كان فيه تعسفات كثيرة ، لكن لما كان في نفس الأمر كلاما حقا ، التزمه . ويظهر حقيته لمن يعرف سر قوله تعالى : ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله . يد الله فوق أيديهم . ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ) . وأمثال ذلك . وكلا الوجهين حقيقة فيه . أي ، حق مطابق لما في نفس الأمر ، لا مجاز ، كما زعم أهل الظاهر في آية ( المبايعة ) و ( الطاعة ) وأمثالها . وإذا كان هوية الحق عين هوية الرسول ، [9] كان التشبيه الذي في الرسل ثابتا للتنزيه الذي في هوية الحق و بالعكس . وذلك معنى قوله : ( ولذلك قلنا . . . ) - إلى آخره . أي ، ولأجل أن
[9] - اعلم ، أن هذه المبايعة هي نتيجة التعارف الأزلي والايتلاف الحقيقي ، لأن الأرواح جنود مجندة . وإنما كانت مبايعته مبايعة الله ، لفنائه في المبدأ وبقائه به . فكلما صدر عند صدر عن الله ، وكلما نسب إليه ، نسب إلى الله ، ولذا قال : ( ومن رآني فقد رأى الحق ) . أي ، من رأى وعلم عيني الثابتة ومظهريتها لجميع الكمالات الإمكانية ، فقد رأى الحق الساري والظاهر في الأشياء . أو من تحقق بمقامي ، فقد تحقق بمقام الحق الظاهر . أي ، ظهوره المطلق . أو ، من رآني وعلم صورة نفسي ، فقد رأى الحق . أي ، الأمر المطابق للواقع . وقد ورد عن على ، عليه السلام ، بناء على ما نقل عن السلمان الفارسي ، عليه السلام ، و جندب ، رضى الله عنه ، وغيره من أكابر أصحاب نبينا ، صلوات الله عليه وعلى من آل إليهم أموره ، من عترته وأهل بيته : ( معرفتي بالنورانية معرفة الله ) . وخرج على ، عليه السلام ، ليلة قمراء من بيته ، في زمان خلافته في الكوفة ، وقد رأى ، عليه السلام ، جماعة في خلفه وقال : من أنتم ؟ قالوا : نحن شيعتك يا أمير المؤمنين . وقد نظر على ( ع ) بسيماهم وقال : ( لا أرى في وجوهكم أثرا مما تقولون ، ولكن أرى في عالم الذر أن في قلوبكم حبى وحب شيعتي وأولادي ) . ( ج )