اختصت الحكمة ( الإيناسية ) بهذه الكلمة ( الإلياسية ) . ولتلك الصورة الملكية الموجبة للاعتدال الحقيقي فاز بالحياة الدائمة ، كالخضر وعيسى ، عليهما السلام . فإنهما أيضا كانا ظاهرين بالصورة الملكية ، إلا أن الخضر ، عليه السلام ، غلبت صورته الملكية على صورته البشرية ، فاختفى عن أعين الناس ولم يطرء عليه الموت ، وعيسى ، عليه السلام ، ارتفع إلى السماء مع الصورة البشرية . ( إلياس وهو إدريس عليه السلام ، كان نبيا قبل نوح ، عليه السلام ، ورفعه الله مكانا عليا ، فهو في قلب الأفلاك ساكن ، وهو فلك الشمس . ثم ، بعث إلى قرية ( بعلبك ) . و ( بعل ) اسم صنم و ( بك ) هو سلطان تلك القرية . وكان هذا الصنم المسمى ( بعلا ) مخصوصا بالملك . وكان إلياس ، الذي هو إدريس ، قد مثل له انفلاق الجبل المسمى ( لبنان ) من ( اللبانة ) ، وهي الحاجة عن فرس من نار وجميع آلاته من نار . فلما رآه ركب عليه ، فسقطت عنه الشهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلق بما يتعلق به الأغراض النفسية . ) قد مر في ( الفص الشيثي ) أن الكامل له السراح المطلق [1] في العوالم الملكوتية والعنصرية بحكم الظهور بالقدرة خصوصا عند الأمر الإلهي بالبعثة ودعوة الخلق إلى الله . والحكم بأن ( إلياس ) عين ( إدريس ) ، عليه السلام ، مستفاد من الشهود للأمر على ما هو عليه ، فإنه ، رضى الله عنه ، كان يشاهد جميع أرواح الأنبياء ،
[1] - في بعض النسخ ، ومنها م ل : ( إن الكامل له انشراح المطلق . . . ) . قال الشارح في أواخر ( الفص الشيثي ) : ( إلا للكمل المسرحين في العوالم ) . والصحيح ما نقلناه في الشرح : ( أن الكامل له السراح المطلق ) . لأنه يطلق على الحركة السريعة . وجاء بمعنى الإطلاق . و معلوم أن الكمل لهم العروج والصعود والسير في العوالم نزولا وصعودا ، لأنهم غير مقيدين بقيد خاص . وإلى هذا أشار النبي ، عليه السلام ، ونقله العامة والخاصة : ( الحق مع على وعلى مع الحق ، يدور معه حيثما دار ) . وإن الجنة الأفعال من الجبروت ، وعالم المثال في مقابل سعة ولايته كحلقة صغيرة في الفلات ، وأن مقامه جنة الأسماء والذات . ( ج )