responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : محمد داوود قيصري رومي    جلد : 1  صفحه : 1045


( الشئ ) . أي ، الرحمة من الله تعالى تنال على طريقين : طريق الوجوب . أي ، على طريق الذي أوجب الحق على نفسه أن يرحم عباده إذا أتوا به في مقابلة ما قيدهم به وكلفهم من العلم والعمل . كما قال : ( فسأكتبها ) أي ، أفرضها ( للذين يتقون ويؤتون الزكاة ) . لا أن العبد بحسب عمله يوجب على الله أن يرحمه ، بل ذلك الإيجاب على سبيل الفضل والمنة أيضا منه على عباده .
( والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة على طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل ، وهو قوله : ( ورحمتي وسعت كل شئ ) . ومنه قيل : ( ليغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) . ومنها قوله : ( إعمل ما شئت فقد غفرت لك ) . فاعلم ذلك . ) ( الرحمة الامتنانية ) قد تكون عامة ، وهو الرحمة الذاتية الشاملة لجميع العباد ، كقوله تعالى : ( رحمتي وسعت كل شئ ) . وقد تكون خاصة ، كما قيل :
( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) . في حق نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، وكما قال لبعض عباده : ( إعمل ما شئت ، فقد غفرت لك ) [16] فلا يتوهم أنها شاملة لجميع الأشياء مطلقا . والله الرحيم المنان ومنه الفضل والإحسان .



[16] - نقل الشارح ، عبد الرحمن جامى ، في آخر ( فص الزكرياوية ) عن الشيخ ، بناء على ما في الفتوحات : أنه ثبت في الأخبار الإلهية وصح أن العبد يذنب الذنب ويعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، فيقول الله له ثلاث مرات ، أو رابع مرة : ( إعمل ما شئت ، فقد غفرت لك . . . ) . قال الشارح الجامي : ( وهذا العلم من قبيل الرحمة الامتنانية . واعلم أن الشيخ الأكبر كثيرا ما ينقل الخبر الضعيف ويقول : ( في الخبر الصحيح ) أو يقول : ( ثبت في الأخبار الإلهية وصح أن العبد . . . ) . وما نقله بقوله : ( قوله تعالى : إعمل ما شئت ، فقد غفرت لك ) . هذا الحديث ورد في حق أهل ( بدر ) ، كما نقله السيوطي في الجامع الصغير . وفي هذا الجامع : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( كما لا ينفع مع الشرك شئ ، كذلك لا يضر مع الإيمان شئ ) وورد أيضا : ( كما لا يضر مع الإيمان ذنب ، لا ينفع مع الشرك عمل ) أقول : ولعل المراد من ( الإيمان ) ما يملأ القلب نورا بحيث صار النفس تحت شعاع الإيمان ، ونور قلب صاحب الإيمان بحيث يمشى في الظلمات بنور نفسه . وهذا الإيمان لا يضر معه شئ . وقد نقل الزمخشري في تفسيره : ( حب على حسنة لا تضر معها السيئة . وبغضه سيئة لا تنفع مع حسنة ) . لأن القلب المؤمن إذا تنور بنور الولاية الحضرة العلوية ، عليه السلام ، بحيث اتصل نفسه وروحه بالنفس الولوية ينجبر نقصه ، لأن انجبار الناقص بالكامل من إحدى مظاهر الشفاعة . واعلم ، أن الرواية عن طريق مشايخنا الإمامية عن أهل بيت النبوة ، عليهم السلام ، في تأثير الإعتقاد بالتوحيد وفي أن الموحد لا يخلد في النار أو النار لا يؤثر في باطنه وإنما يؤثر في ظاهره ، كثيرة وبعضها منقولة عن طرق إخواننا العامة . في توحيد الصدوق ، باب ( ثواب الموحدين ) ، ج 5 ، نقل المؤلف ، رضى الله عنه ، بإسناده عن أبى عبد الله ، جعفر بن محمد ، عليهما السلام ، عن جده على ، عليه السلام ، عن رسول الله ، صلى الله عليه وآله : ( من مات ولا يشرك بالله شيئا ، أحسن أو أساء دخل الجنة ) . وروى الصدوق ( ج 7 ) بإسناده عن الصادق ، عليه السلام : ( إن الله حرم أجساد الموحدين على النار ) . روى ( ج 9 ) بإسناده عن النبي ، عليه السلام : ( كل جبار عنيد من أبى أن يقول لا إله إلا الله ) . روى من العامة والخاصة أحاديث متعددة ، مضمونها : قال الله ، عز من قائل : ( لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي ) . أو : ( من جاء منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص ، دخل حصني . . . ) . وأما ما نقله عن السورة المباركة ( الفتح ) : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك . . . ) . يحب أن يعلم أن في معنى قوله : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ) أقوالا مختلفة . ومن الناس من جوز المعاصي الصغيرة على الأنبياء . ومنهم من جوز الخطاء في الوحي ، أي ، في الرؤيا المنامية ، وقال : ( وخطاء الخيال في عالم الرؤيا المنامية جائز ، بل واقع في حق الأنبياء ، ولكنهم محفوظون من دوام الخطاء والتباسه عليهم في اليقظة ) وهو صدق آن رؤيا الأنبياء وحى منه تعالى لهم بملك الرؤيا ينزل على قلوبهم بأمر الله ، فيكشف عن ذلك خيالهم بعين ما رأوا ، وبمثله ومناسبه . وجعلوا من هذا القبيل رؤيا إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، حيث قال لابنه . ( إني أرى في المنام إني أذبحك ) . وقد ذكرنا هذه المسألة على سبيل التفصيل في محله . والقائل بجواز الخطاء ليس من أصحابنا الإمامية الجعفرية ، أنار الله برهانهم . والعجب من بعض شراح الفصوص ، فضل في هذا المقام والسر في ظهور هذه العقيدة من العارف ، التأثر من الأشعرية حيث جعلوا جواز الخطاء أو المعاصي الصغيرة عن الأنبياء مذهب سلف الصالح قد وفيهم من ظن الاجتهاد في حق بعض الأنبياء في الفروع ، كما في قصة تأبير النخل ، وقضية داوود النبي ، عليه السلام ، في ( الفص الداودي ) . ونحن معاشر الشيعة نعتقد أن الأنبياء ، لا سيما أولوا العزم منهم والأقطاب المحمديين ، أي الأئمة من العترة ، عليهم السلام ، يخبرون عن الأحكام الواقعية . والاجتهاد في الأحكام الشرعية يختص بأهل الظاهر من الفقهاء والمجتهدين بعد غروب شمس النبوة ، أو بعد غيبة خاتم الأولياء ، محمد بن الحسن العسكري ، المهدى الموعود ، عليهما السلام ، حيث أن الوارث للعلوم والأحوال والمقاما ت وشؤون الحضرة الختمية المحمدية ، صلوات الله عليه وآله ، ويأخذون الأحكام من المأخذ الذي كان يأخذ خاتم الأنبياء . ولذا قال الشارح في الرسالة التي ألفها في التوحيد والنبوة والولاية ( ط 1357 ش ، انجمن فلسفه ، ص 24 ) بعد ذكر وجوب متابعة علماء الظاهر في الأحكام الشرعية : ( لذلك لا بد أن يرفع المهدى ، عليه السلام ، الخلافات بين أهل الظاهر ويجعل الأحكام المختلفة في مسألة واحدة حكما واحدا ، وهو ما في علم الله سبحانه ، ويصير المذاهب في عصره مذهبا واحدا ، لشهوده الأمر على ما هي عليه في علم الله لارتفاع الحجاب عن عيني جسمه وقلبه ، كما كان في زمان رسول الله ) . ويعلم أن سبب الاختلاف في الأحكام في عصرنا ، أي عصر غيبة صاحب الأمر ، لابتلائه بأهل الخلاف ، وعند قيامه لا يبقى خلافا . ولذا ( كما قال الشيخ الأكبر ) : ( كان أكثر أعدائه أهل الظاهر الذين سموا نفوسهم خلفاء رسول الله كما هو المرسوم في العامة أو نائب خليفة الله المهدى عليه السلام ، كما ترى . . . ) . وأما مسألة الفتوح الحاصلة لنبينا ، صلوات الله عليه ، وبيان قوله تعالى : ( ليغفر لك الله ما تقدم . . . ) فهو من أفضل المباحث وأشرفها في هذا العلم ، أي ، علم التوحيد والنبوة والولاية . قوله : ( ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) . يجب أن يعلم أن ( الذنب ) ما هو يبعد العبد عن المعبود ، كما أن ( الطاعة ) عبارة عن كل ما يقربه ، أي العبد ، إلى الله . وأما الحضرة النبوية قبل تنزله إلى هذا العالم وقبول خطاب الإلهية بقوله : ( أدبر ) ، كان أقرب الموجودات إلى الله لكونه ، عليه السلام ، أول نور ظهر في العالم ، أو أول تعين وجد من المادة المواد المسمات ب‌ ( الهباء ) ، وكان ينبئ عن ذاته وصفاته وأفعاله . والمبعدات التي حصلت له في السلسلة النزولية تشأن الحق بشؤونه وصور كمالاته . وأما ( ذنب المتأخر ) فهو عبارة عن المبعدات والنقصات التي مما لا بد منها في العروج التركيبي المخصوص بالسلسلة الصعودية . وإن كنت في ريب وشك في ما حررناه ، فاسمع إلى ما نلقى إليك ونتلوه عليك ، بشرط تصفية نفسك المدركة وتلطيف في سرك . ونقول : إن الأعيان ، أي الحقائق الإمكانية ، كلها راجعة إلى عين واحدة التي لها السيادة التامة على جميع الأعيان ، التي هي من الأبعاض والأجزاء للعين الواحدة ، التي نعبر عنها ب‌ ( الحقيقة المحمدية ) صلى الله عليه وآله وسلم : والاسم الحاكم على المظهر المحمدي ، عليه السلام ، عبارة عن الاسم الجامع الذي نسميه معنى ( الإنسان الكامل المحمدي ) صلى الله عليه وآله . وعينه وحقيقته عبارة عن مفتاح مفاتيح المغفرة . وله الشفاعة الكبرى ، لأنه متحقق بالاسم ( الشفيع ) ، وللحق إذن ، ولمحمد والخلص من أولاده و عترته مقام الشفاعة . وهذه الحقيقة الكلية ، التي لها مقام جمع ومقام فرق وتفصيل ، عند ( فتح المبين ) تبدل وجوده الإمكاني بالوجود الحقاني . وهو بعد خلع الجهة الإمكانية وتبدله بالوجود الحقاني والوصول التام ، أي الاستهلاك في الحق والبلوع إلى الفناء عن الفنائين والصحو بعد المحو ، أي الصحو الثاني والتمكين التام المطلق بعد التلوين ، بعون الله تعالى ، خاطبه الله بالخطاب الحقاني عن مقام الغيب المغيب بقوله : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) . والفتح الأعلى هو الفتح المطلق الذي ينتهى إليه أقسام الفتوح ، وهو فتح باب الحضرة ( الأحدية ) ومقام السر . و ( الفتح المبين ) نتيجة الوصول إلى باب الحضرة ( الواحدية ) والمرتبة الروحية هذه المرتبة والفناء في ( الأحدية ) . ثم الرجوع إلى الصحو والوصول إلى الباب ( الأحدية ) يتوقف على الفناء في التعين الثاني ، أي ( الواحدية ) . وإن سئلت الحق ، أن العبد السيار في مقام مظهرية التجلي الأسمائي ، أي السير السالك في أسمائه تعالى من اسم إلى اسم آخر . وفي كل اسم تلوين ثم تمكين ، إلى أن يتحقق السالك بمقام اسم الكلى الشامل لجميع الأسماء الظاهرة ، ثم تصل النوبة - إن ساعدته العناية الإلهية وكانت عينه الثابتة مستعدة لقبول المظهرية أو السير - إلى في أسماء الباطنة أو الباطنية ، ثم الوصول إلى مقام الجمعية فيها ، ثم التحقق بمقام مظهرية اسم ( الله ) الجامع لجميع الأسماء . نقل وتحقيق في شأن آل البيت ومواليهم : قال الشيخ الكامل ، ابن عربي ، رضى الله عنه : ( ولما كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عبدا محضا ، قد طهره الله وأهل بيته تطهيرا و ( أذهب عنهم الرجس ) . فهو كل ما يشينهم . فإن ( الرجس ) هو القذر عند العرب . قال الله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس و يطهركم تطهيرا ) . فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولا بد ) . فهذه الآية تدل على أن الله قد شرك أهل البيت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في قوله : ( ليغفر لك الله ما تقدم . . . ) شيخ اكبر اهل بيت را به ( معصومين ) و ( غير معصومين ) تقسيم كرده است ، وارباب عصمت را ( اقطاب وجود ) خوانده واز ايشان با تعبير ( وهم الأقطاب في الوجود ) ياد كرده است . شيخ بعد از بيان آنكه ( إنما الله تعالى هو الذي اجتباهم وكساهم حلة الشرف ) ( وشرفا از اولاد فاطمه وعلى ، عليهما السلام ، اهل رحمت وسعادت اند ) . در حق معصومين از عترت گويد : ( فما ظنك بالمعصومين المحفوظين منهم ، القائمين بحدود سيدهم ، الواقفين عند مراسمه ، فشرفهم أعلى وأتم . وهؤلاء هم أقطاب هذا المقام ) . وقد ظهر مما تلونا عليك أن الشيخ ، قدس الله سره ، بناء على ما في الكتب الحديث المنقول من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، صرح بأن الخلافة الإلهية والولاية المطلقة حق طلق لعلى وأبنائه وأولاده من بطن فاطمة الزهراء والعصمة الكبرى ، عليهما السلام . قال الأستاذ ، إبراهيم المدكور ( مقدمة ج 3 ، طبع عثمان يحيى ) : ( ويبدو ابن عربي هنا أميل إلى على والعلويين ، وإن كان لم يعرف بنزعة شيعية واضحة ) . أقول : لا شك ولا شبهة أن الشيخ الأكبر ( قده ) صرح في كثير من مواضع كتاب الفتوحات أن العترة لا يقاس بهم أحد ، وأن عليا ، عليه السلام ، كان أقرب الناس إلى رسول الله عليه السلام وسر الأنبياء أجمعين وإمام العالم على الإطلاق . ونحن قد كتبنا في مقدمة هذا الكتاب ما قيل - أو يمكن أن يقال - في هذا المقام . وقد ذكرنا في تعاليقنا أن الشيخ في الفروع يعد من الحنابلة ، أتباع أحمد بن حنبل ، و في الأصول عارف يصرح بأن الولاية محمدي المحتد وعلوي المشرب . والله يقول الحق و هو يهدى السبيل . ( ج )

1045

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : محمد داوود قيصري رومي    جلد : 1  صفحه : 1045
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست