( عندك بيتا في الجنة ) فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته ) ضمير ( بصفته ) عائد إلى ( يحيى ) . أي ، سمى يحيى بصفته التي هي الإحياء . ( حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا ، لأنه ، عليه السلام ، آثر بقاء ذكره في عقبه ، إذ الولد سر أبيه ، فقال : ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) . وليس ثم موروث في حق هؤلاء الأنبياء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه . ) وإنما آثر بقاء ذكر الله في عقبه ، لأن الأنبياء ، عليهم السلام ، رحمة على العالمين ، فطلب الولد ليكون ظاهرا على سره ، فيذكر الله و يدعو الخلق إليه - كما كان قلبه ذاكر الله دائما - وداعيا إلى الله عباده . فالعلة الغائية من طلب الولد إظهار أعلام الله وإفشاء أحكامه وإظهار أسمائه وصفاته ، والقيام بتكميل الخلائق وإيصال المستعدين إلى حقيقة الحقائق التي هي منبع الرحمة . لذلك قال : ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) . وميراثهم النبوة والولاية والدعوة إلى الهداية والإبعاد عن الضلالة [3]
[3] - واعلم ، أن سنة الله جرت من لدن آدم ، عليه السلام ، إلى خاتم الأنبياء ، على وجود نبي أحيا ذكر من تقدم عليه ، وإن كان لبعض الأنبياء ورثه ولى أحيا ذكر من سبق عليه . قال العارف الفاضل ، عبد الغنى النابلسي ، ( م 1143 ) في شرحه النافع المسمى ب ( جواهر النصوص ) في بيان شرح قول الشيخ ( كذلك الأنبياء ) : ( كموسى ، عليه السلام ، حيى ذكره بعد موته بفتاه ، يوشع بن نون ، وكان رباه موسى ، عليه السلام . وكداود أحيا الله ذكره بولده ، سليمان ، عليهما السلام ، فعمر ( بيت المقدس ) ولم تستقم عمارته بيد داود ، كما مر ذكره . وكإبراهيم أحيا ذكره بابنيه ، إسماعيل وإسحق . ولهذا قال : ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق إن ربى لسميع الدعاء ) . ويعقوب أحيا الله ذكره بيوسف . ونبينا ، صلى الله عليه وسلم ، بعلي ، كرم الله وجهه ، لأنه باب الأعظم لمدينة علمه ، كما قال ، عليه السلام : ( أنا مدينة العلم وعلى بابها ) . ومما نقلناه ، أو ذكرناه ، يظهر أن عليا كان وصيه وخليفته ووارث علومه وأحواله ومقاماته ، لإنه قال النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، لعلى : ( أنت منى بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ) . والدليل النقلي على وراثته وولايته ، وأنه أفضل الناس وأقربهم إلى رسول الله ، لا تعدو لا تحصى . قال رسول الله على ما رواه الفريقين : ( إن الله جعل ذريتي في صلب على بن أبي طالب ) . وورد أيضا : ( كل بنى أنثى تمات عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم ) . ( ج )