مخفية إيّاها ، فإذا كان المشهود هو الصورة فله الكمال الجمعي الوحداني ( لأنّها عين ما ظهرت فيه ) بخلاف ما إذا كان المشهود هو المجلى ، فإنّه حينئذ منشأ التفرقة والتكثّر على ما هو الظاهر في المرآة ، فإنّه إذا كان الملحوظ فيها هي الصورة الظاهرة فيها لا تفرقة هناك ، وإذا لوحظ المرآة ظهرت التفرقة لامتياز الصورة عنها .
( فالذي لمسمّى « الله » ) من الجمعيّة والكمال ( هو الذي لتلك الصورة ) من الإحاطة الاستوائيّة المستقيمة التي لا ينحرف ميزان استقامته بتميّز أحد المتقابلين ، ورجحان إحدى كفّتيه - من العينيّة والغيريّة .
وملخّص هذا الكلام : أنّ العلوّ الذاتي إمّا أن يكون لمسمّى « الله » خاصّة ، أو لغير مسمّى « الله » خاصّة ، والذي لغير مسمّى الله خاصّة إمّا أن يكون باعتبار كونه غيرا - كما هو موطن إدراك العقل - وذلك موطن التفاضل ، الذي يأباه العلوّ الذاتي والكمال العيني - كما أشار إليه إيماء أوّلا - بل من حيث الجمعيّة الذاتيّة التي هي مشهد الذوق ، وذلك موطن الإحاطة والشمول ، الذي يلزمه العلوّ الذاتي ، فيكون العين والغير ، ولذلك قال : ( ولا يقال : « هي هو » ) باعتبار خصوصيّتها الصوريّة ، ( ولا : « هي غيره » ) باعتبار أنّها هي العين الشاملة الكاملة المحيطة بالكل .
( وقد أشار أبو القاسم بن قسي [1] في خلعه ) - أي في كتابه المسمّى :

[1] أحمد بن الحسين أبو القاسم بن قسيّ ، من مشايخ الصوفية ، وهو أول من ثائر في الأندلس عند اختلال دولة الملثمين . عكف على الوعظ وكثر مريدوه وتسمى بالإمام ، وقتله أهل شلب في سنة 546 ه . له كتاب خلع النعلين في الوصول إلى حضرة الجمعين ( ملخصا من الأعلام للزركلي : 1 / 116 ) . ذكره الذهبي ( سير أعلام النبلاء : 20 / 316 ) باسم « أحمد بن وقشي » والأظهر كونه سهوا . وقال العفيفي ( تعليقات : 56 ) : « إن ابن عربي لقى ابن أبي القاسم في سفرة من سفراته في تونس سنة 590 ، وقرأ معه كتاب أبيه ، ثم وضع عليه شرحا مفصلا . ويوجد الكتاب مع شرح ابن عربي عليه في نسخة نادرة في مكتبة أيا صوفيا بإستامبول تحت رقم 1879 . A . S . » راجع أيضا لسان الميزان : 1 / 248 - 247 . معجم المؤلفين : 1 / 232 .

312