أشرف كالإرادة ، وهي محبة ما إما محبة النجاة والدرجات ، أو كمال النفس ، أو محبة صفات الله تعالى ، أو محبة ذاته تعالى وتقدس ، ولذلك نكر المحبة فقال وهو الإرادة بمحبة ، إذ لو لم يكن له نوع من أنواع المحبة ما عبد الله تعالى ولا آثره على غيره ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى ، فالعبد لا يزال تحت سلطان هواه ) ولذلك أطلق بعض المحققين من المتأخرين كالعراقى وغيره اسم العشق على الحق تعالى نظرا إلى الحقيقة ، فإن العشق والمعشوق ثمة ليس في الحقيقة إلا واحدا لا فرق إلا بالاعتبار كالعلم والعالم والمعلوم . وإذا تقرر قاعدة التوحيد الحقيقي فلا مشاحة في الألفاظ ، ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين ، وكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه ، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى بل لأحدية الهوى كما ذكر ، فإنها عين واحدة في كل عابد فأضله الله : أي حيره على علم بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه ، سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف ) قوله فأضله الله جواب لما في قوله : وذلك أنه لما رأى هذا العابد ، وفاعل رأى ضمير اسم إن في أنه وهو يرجع إلى من عبد هواه اتخذ إلها مع كونه على علم بليغ ، وقوله : ثم رأى المعبودات تتنوع عطف على رأى في لما رأى ، وفيه إشارة إلى منشأ حيرته وتعليل لها مع كمال علمه ، وحذف الفاء في جواب لما لطول الكلام ، وتوسط التعليل بين الشرط والجزاء . والمعنى أنه لما رأى هذا العابد وذلك العابد وكل عابد حتى عابد الحق تعالى وكذا كل من عبد صورة ما من صور العالم لا يعبد كل منهم إلا هواه ، ثم رأى تنوع المعبودات وتناكر العباد بحيث يكفر كل عابد من يعبد سوى معبوده مع أحدية الهوى في الحقيقة عند من له أدنى تنبه حيره الله لضيق ذرعه وصعوبة فرقه بين الحق والباطل والمشروع وغير المشروع . ( والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه ) لأن الوجود الحق هو الذي ظهر في الكل وفي كل واحد ( ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك ، هذا اسم الشخصية فيه ) بحسب الماهية المتعينة بالتعين النوعي ثم بالتعين الشخصي ( والألوهة مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبودة ، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد الخاص المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص ) يعنى أن الألوهة في كل معبود هي مرتبة رفيعة تخيل عابدة أنها مرتبة معبوده ، وهي في الحقيقة كونه مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود ، فاحتجب العابد بحكم تعينه بتعين المجلى الخاص عن وجه الحق المتعين به ، وذلك بجزئية هوى نفسه وتعينه بالشخص والنوع ، إذ لو انطلق عن قيد التعين لشاهد وجه الحق في الكل ، فكان