responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 193


مقاما للعبد ، ولهذا كان الرسل خصوصا أكملهم وخاتمهم محمدا صلى الله عليه وسلم بحكم ما يوحى إليه في التصرف وتركه ، فإن الأدب يقتضي الطاعة ، وإن أوحى إليه بالتخيير علموا أن الأولى به لو كان خلاف التخيير لما خيروا وأمروا بما هو خير ، فرأوا التخيير ابتلاء وعلموا أن الخيرة في الأدب والوقوف مع مقتضى الحقائق والذاتيات .
( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به : إن الله أعطانا التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا ، هذا لسان إدلال . وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثار ، وإنما تركناه لكمال المعرفة ، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار ، فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهى وجبر لا باختيار ، ولا شك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها فيظهر عليه ما يصدق عند أمته وقومه ليظهر دين الله والولى ليس كذلك ، ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم ، لأن في ذلك هلاكهم فيبقى عليهم ، وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة فمنهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ، ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا ، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام ، فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان ، ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز ، فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها للناظرين ولا في قلوبهم ، كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال « إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ ولكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ » ولو كان للهمة أثر ولا بد لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه ، وما أثرت همته في إسلام أبى طالب عمه وفيه نزلت الآية التي ذكرناها ، وكذلك قال في الرسول ما عليه إلا البلاغ ، وقال - * ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ولكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ ) * - وزاد في سورة القصص - * ( وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) * - أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة فأثبت أن العلم تابع للمعلوم ، فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده ، وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون ، فلذلك قال - * ( وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) * - فلما قال مثل هذا ، قال أيضا - * ( ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) * - لأن قولى على حد علمى في خلقى - * ( وما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) * - أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ، ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم

193

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست