نام کتاب : جامع الأسرار ومنبع الأنوار نویسنده : سيد حيدر آملي جلد : 1 صفحه : 150
ولم يكلَّف عسيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها [1] ، ولم يرسل الأنبياء لعبا ، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا ، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا * ( ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا من النَّارِ ) * [2] . ( 289 ) والحقّ انّ كلّ من قال انّ جميع الأفعال صادرة من الله تعالى ، ولم يفرّق بين فعله وفعل غيره ، فهو من قبيل الشيطان وأتباعه ، لقوله * ( رَبِّ ، بِما أَغْوَيْتَنِي ) * [3] . وكلّ من قال : انّ جميع الأفعال صادرة من الله تعالى ، لكنّ كلّ فعل منسوب إلى محلَّه وفعل العبد منسوب اليه ، فهو من قبيل آدم وأتباعه ، لقوله * ( رَبَّنا ، ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ) * [4] الآية . * ( وتِلْكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) * [5] . وهذا رمز حسن ، فافهم ! فانّه دقيق ، ومع دقّته لطيف . والى دقّة هذا المعنى وصعوبته أشار مولانا جعفر بن محمّد الصادق - عليه السلام - حين سئل عن القضاء والقدر ، في قوله « لا جبر ولا تفويض ، ولكنّ أمر بين أمرين » . وذكر خواجة نصير الملَّة والدين ( الطوسىّ ) - رحمه الله - هذا في رسالته المسمّاة « بأوصاف الاشراف » بالفارسية ، وقال « لا يفهم هذا الكلام الا بعد رياضة القوّة العاقلة حقّ رياضتها » . ( 290 ) ومثال مشاهدة جميع الأفعال من الله تعالى ونسبة كلّ فعل إلى محلَّه مثال زيد أو عمرو مثلا ، فانّه إذا صدر فعل من زيد أو عمرو ، من ضرب أو شتم أو حركة ، يقال انّه ضرب بيده وشتم بلسانه