[1] وبعبارة أخرى : إرادة الله علمه بكون الفعل خيرا ، والعلم مساوق للوجود ، لأن علمه هو الحضور - كما مر - . فإرادته عين الوجود ، فكيف لا تكون الإرادة في مرتبة ذات من هو عين الوجود ؟ ! إن قلت : كون الإرادة صفة الذات ينافي ما في الروايات من حدوث الإرادة وأنها من صفات الفعل . منها : ما في الصحيح عن صفوان بن يحيى ، قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق . فقال ( عليه السلام ) : " الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو بعد ذلك لهم من الفعل . وأما من الله فإرادته إحداثه لا غير ذلك ، لأ نه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منتفية عنه ، وهي صفات الخلق ، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك . . . " . وكذا غيرها من الروايات التي دلت على حدوث الإرادة وانها من صفات الفعل ، فراجع الكافي 1 : 109 - 110 ، والتوحيد : 147 ، وعيون الأخبار 2 : 109 - 110 . أجيب - كما أجاب عنه الحكيم السبزواري - : إن لإرادة الله مراتب ثلاث : 1 - الإرادة الحقة الحقيقية بالنسبة إلى فيضه المقدس والوجود الإضافي الذي في كل بحسبه . 2 - الإرادة الحقيقية الظلية في مقام فيضه . 3 - الإرادة المصدرية التي نفس المفهوم العنواني . فالأولى عين الذات الأحدية ، والثانية بالنسبة إلى الحق داخلة في صقعه ولا حكم لها مستقلا ، وبالنسبة إلى الأشياء حادثة بحدوثها ، وهذه هي التي جعلها أئمتنا ( عليهم السلام ) من صفات الفعل ، والثالثة هي الزائدة على كل وجود فضلا عن الوجود الواجب . راجع شرح الأسماء : 146 . وأجاب عنه أيضا السيد المحقق الداماد في القبسات : 326 . وحاصله : ان الإرادة قد يطلق ويراد به الأمر المصدري النسبي - أعني الإحداث والإيجاد - ، وقد يراد به الحاصل - أعني الفعل الحادث المتجدد - ، ولإرادة الله مراتب كما لعلمه ( تعالى ) مراتب ، وأخيرة المراتب هي بعينها ذوات الموجودات المتقررة بالفعل ، وانما هي عين الإرادة بمعنى مراديتها له لا بمعنى مريديته إياها ، وما به فعلية الإرادة ومبدئية التخصيص هو عين ذاته الحقة ، وهذا أقوى في الاختيار مما أن يكون انبعاث الرضا بالفعل من أمر زائد على نفس ذات الفاعل . وقال صدر المتألهين - بعد نقل كلام السيد - : " وأقول : وهاهنا سر عظيم نشير إليه إشارة ما ، وهي أنه يمكن للعارف البصير أن يحكم بأن وجود الأشياء الخارجية من مراتب علمه ( تعالى ) ، وإرادته بمعنى عالميته ومريديته ، لا بمعنى معلوميته ومراديته فقط . وهذا مما يمكن تحصيله للواقف على الأصول السالفة ذكرها " راجع الأسفار 6 : 354 .
213
نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 213