مثل ما إذا أراد أن يثبت أن الغضبان مشتاق للانتقام فقد ينكر الخصم ذلك لو سئل عنه ، فيدعى - مثلا - أن الأب يغضب على ولده ولا يشتاق إلى الانتقام منه ، فيعدل إلى السؤال عن نفس الغضب ، فيقال : أليس الغضب هو شهوة الانتقام ؟ فإذا اعترف به يقول له : إذا الغاضب مشته للانتقام . الخامسة : أن يقلب السؤال بما يوهم الخصم أن يريد الاعتراف منه بنقيض ما يريد ، كما لو أراد - مثلا - إثبات أن اللذة خير ، فيقول : أليست اللذة ليست خيرا ؟ فهذا السؤال قد يوهم المخاطب أنه يريد الاعتراف بنقيض المطلوب ، فيبادر عادة إلى الاعتراف بالمطلوب إذا كان من طبعه العناد لما يريده السائل . ولكل من هذه الحيل الخمس مواضع قد تنفع فيها إحداها ولا تنفع الأخرى . فعلى السائل الذكي أن يختار ما يناسب المقام . 3 - ألا يرتب المقدمات في المخاطبة ترتيبا قياسيا على وجه يلوح للخصم انسباقها إلى المطلوب ، بل ينبغي أن يشوش المقدمات ويخل بترتيبها فيراوغ في الوصول إلى المطلوب على وجه لا يشعر الخصم . 4 - أن يتظاهر في سؤاله أنه كالمستفهم الطالب للحقيقة المقدم للإنصاف على الغلبة ، بل ينبغي أن يلوح عليه الميل إلى مناقضة نفسه وموافقة خصمه ، لينخدع به الخصم المعاند فيطمئن إليه . وحينئذ يسهل عليه استلال الاعتراف منه من حيث يدري ولا يدري . 5 - أن يأتي بالمقدمات في كثير من الأحوال على سبيل مضرب المثل أو الخبر ، ويدعي في قوله ظهور ذلك وشهرته وجري العادة عليه ، ليجد الخصم أن جحدها أمام الجمهور مما يوجب الاستخفاف به والاستهانة له ، فيجبن عن إنكارها . 6 - أن يخلط الكلام بما لا ينفع في مقصوده ، ليضيع على الخصم ما يريده من المقدمة المطلوبة بالخصوص . والأفضل أن يجعل الحشو حقا