مشهورا في نفسه ، فإنه يضطر إلى التسليم به ، وإذا سلم به أمام الجمهور قد يندفع مضطرا إلى التسليم بما هو مطلوب انسياقا مع الجمهور الذي يفقد على الأكثر قوة التمييز . 7 - إن من الخصوم من هو مغرور بعلمه معتد بذكائه ، فلا يبالي أن يسلم في مبدأ الأمر بما يلقى عليه من الأسئلة ، ظنا منه بأن السائل لا يتمكن من أن يظفر منه بتسليم ما يهدم وضعه وبأنه يتمكن حينئذ من اللجاج والعناد . فمثل هذا الشخص ينبغي للسائل أن يمهد له بتكثير الأسئلة عما لا جدوى له في مقصوده ، حتى إذا استنفذ غاية جهده قد يتسرب إليه الملل والضجر فيضيع عليه وجه القصد أو يخضع للتسليم . 8 - إذا انتهى إلى مطلوبه من الاستلزام لنقض وضع الخصم فعليه أن يعبر عنه بأسلوب قوي الأداء لا يشعر بالشك والترديد ، ولا يلقيه على سبيل الاستفهام ، فإن الاستفهام هنا يضعف أسلوبه فيفتح به للخصم مجالا لإنكار الملازمة أو إنكار المشهور ، فيرجع الكلام من جديد جذعا . وقد يشق عليه أن يوجه هذه المرة أسئلة نافعة في المقصود ، فيغلب على أمره . 9 - أن يفهم نفسية الجماعات والجماهير من جهة أنها تنساق إلى الإغراء وتتأثر ببهرجة الكلام حتى يستغل ذلك للتأثير فيها ، والمفروض أن الغرض الأصيل من الجدل التغلب على الخصم أمام الجمهور . وينبغي له أن يلاحظ أفكار الحاضرين ويجلب رضاهم بإظهار أن هدفه نصرتهم وجلب المنفعة لهم ، ليسهل عليه أن يجرهم إلى جانبه فيسلموا بما يريد التسليم به منهم . وبهذا يستطيع أن يقهر خصمه على الموافقة للجمهور في تسليم ما سلموا به ، لأن مخالفة الجمهور فيما اتفقوا عليه أمامهم يشعر الإنسان بالخجل والخيبة . 10 - وهو آخر وصايا السائل - إذا ظهر على الخصم العجز عن جوابه وانقطع عن الكلام فلا يحسن منه أن يلح عليه أو يسخر منه أو يقدح فيه ،