نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 272
علم اللَّه ولو ذكرت لعظم الخوف وأعرض الناس عن الأعمال وخربت الدنيا فهذا المعنى لو اتّجه وصحّ فيكون مثالا لهذا القسم . القسم الثالث أن يكون الشيء بحيث لو ذكر صريحا لفهم ولم يكن فيه ضرر ولكن يكنّى عنه على سبيل الاستعارة والرّمز ليكون وقعه في قلب المستمع أغلب وله مصلحة في أن يعظم وقع ذلك الأمر في قلبه كما لو قال قائل : رأيت فلانا يقلَّد الدّر في أعناق الخنازير ، وكنّي به عن إفشاء العلم وبثّ الحكمة إلى غير أهلها ، فالمستمع قد يسبق إلى فهمه ظاهره ، والمحقّق إذا نظر وعلم أنّ ذلك الإنسان لم يكن معه درّ ولا كان في موضعه خنزير تفطَّن لدرك السرّ والباطن فيتفاوت الناس بذلك ، وهذا النوع يرجع إلى التعبير عن المعنى بالصورة الَّتي يتضمّن عين المعنى أو مثله ومنه قوله عليه السّلام : « إنّ المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة في النّار » [1] وأنت ترى أنّ مساحة المسجد لا ينقص بالنخامة ومعناه أنّ روح المسجد ومعناه كونه معظَّما ورمي النخامة تحقير فيضادّ معنى المسجديّة مضادّة النّار لاتّصال أجزاء الجلدة وكذلك قوله عليه السّلام : « أما يخشى الَّذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوّل اللَّه رأسه رأس حمار » [2] وذاك من حيث الصورة لم يكن قطَّ ولا يكون ولكن من حيث المعنى هو كائن إذ رأس الحمار لم يكن بحقيقته للونه وشكله بل لخاصيّته وهي البلادة والحمق ، ومن رفع رأسه قبل الإمام فقد صار رأسه رأس حمار في معنى البلادة والحمق وهو المقصود دون الشكل الَّذي هو قالب المعنى إذ من غاية الحمق أن يجمع بين الاقتداء وبين التقدّم فانّهما متناقضان وإنّما يعرف هذا السرّ على خلاف الظاهر إمّا بدليل عقليّ أو شرعيّ ، أمّا العقليّ بأن يكون حمله على الظاهر غير ممكن كقوله عليه السّلام : « قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن » [1] إذ فتّشنا عن صدور المؤمنين فليست فيها أصابع فعلم أنّها كناية عن القدرة الَّتي هي سرّ الأصبع وروحها الخفي وكنّي بالأصبع عن القدرة لأنّ ذلك أعظم وقعا في تفهيم
[1] المجازات النبوية للشريف الرضي ص 133 . [2] الحديث متفق عليه كما في مشكاة المصابيح ص 102 . [1] قال العراقي : أخرجه مسلم من حديث عمر وفيه « قلب العبد » .
272
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 272