نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 271
إسم الكتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ( عدد الصفحات : 438)
الإنسان إلا نفسه وصفات نفسه ممّا هو حاضر له في الحال أو ممّا كان له من قبل ، ثمّ بالمقايسة إليه يفهم ذلك لغيره ، ثمّ قد يصدّق بأنّ بينهما تفاوتا في الشرف والكمال ، فليس في قوّة البشر إلا أن يثبت للَّه ما هو ثابت لنفسه من الفعل والعلم والقدرة وغيره من الصفات مع التصديق بأنّ ذلك أكمل وأشرف ، فيكون معظم تحويمه على صفات نفسه لا على ما اختصّ الربّ تعالى به من الجلال ولذلك قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك » [1] وليس المعنيّ به أنّي أعجز عن التعبير عمّا أدركته بل هو اعتراف بالقصور عن إدراك كنه جلاله ولذلك قال بعضهم : ما عرف اللَّه بالحقيقة سوى اللَّه وقال آخر : « الحمد للَّه الَّذي لم يجعل سبيلا إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته » ولنقبض عنان الكلام عن هذا النمط ولنرجع إلى الغرض وهو أنّ أحد الأقسام ما يكلّ الأفهام عن دركه ومن جملته الروح ، ومن جملته بعض صفات اللَّه تعالى ، ولعلّ الإشارة إلى مثله في قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « إنّ للَّه سبعين حجابا من نور لو كشفها لا حرقت سبحات وجهه كلّ من أدركه بصره » [1] . القسم الثاني من الخفيّات الَّتي يمتنع الأنبياء والصدّيقون عن ذكرها ما هو مفهوم في نفسه لا يكلّ الفهم عنه ولكنّ ذكره يضرّ بأكثر المستمعين ولا يضرّ بالأنبياء والصدّيقين وسرّ القدر الَّذي منع أهل العلم به عن إفشائه من هذا القسم ولا يبعد أن يكون ذكر بعض الحقائق مضرّا ببعض الخلق كما يضرّ نور الشمس بأبصار الخفافيش وكما يضرّ رياح الورد بالجعل . ولو قال قائل : إنّ القيامة لو ذكر ميقاتها وأنّها بعد ألف سنة أو أكثر أو أقلّ لكان مفهوما ولكن لم يذكره لمصلحة العباد وخوفا من الضرر ولعلّ المدّة إليها بعيدة فيطول الأمن ، وإذا استبطأت النفوس وقت العقاب قلّ اكترائها أو لعلَّها كانت قريبة في
[1] راجع كتاب السماء والعالم من بحار الأنوار الباب السادس نقله بألفاظ مختلفة عن الفريقين . [1] أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الدعاء في الركوع والسجود ج 1 ص 203 وقوله : « لا أحصى ثناء عليك » ولعل المعنى أنه ليس في قدرتي شكرك الواجب على لان شكري لك هو نعمة منك على فكيف بشكرها . وأخرجه مسلم في صحيحة ج 2 ص 51 .
271
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 271