نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 141
إسم الكتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ( عدد الصفحات : 438)
أقول : وممّا يشهد لذلك ما رواه السيّد الرضيّ - رحمه اللَّه - في كتاب نهج البلاغة عن مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال في كلام له طويل [1] : « من عظمت الدنيا في عينه وكبر موقعها من قلبه آثرها على اللَّه ، فانقطع إليها ، وصار عبدا لها . ولقد كان في رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كاف لك في الأسوة ، ودليل لك على ذمّ الدنيا وعيبها ، وكثرة مخازيها [2] ومساويها ، إذ قبضت عنه أطرافها ، ووطَّئت لغيره أكنافها ، وفطم عن رضاعها ، وزوي عن زخارفها [3] وإن شئت ثنّيت بموسى كليم اللَّه عليه السّلام إذ يقول : « ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير » واللَّه ما سأله إلا خبزا يأكله لأنّه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهذا له وتشذّب لحمه ، [4] وإن شئت ثلَّثت بداود صاحب المزامير وقارئ أهل الجنّة فلقد كان يعمل سفائف الخوص [5] بيده ويقول لجلسائه : أيّكم يكفيني بيعها ويأكل قرص الشعير من ثمنها ، وإن شئت قلت في عيسى ابن مريم عليهما السّلام فلقد كان يتوسّد الحجر ، ويلبس الخشن ، ويأكل الجشب ، وكان إدامه الجوع ، [6] وسراجه باللَّيل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها [7] ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذلَّه ، دابّته رجلاه ، وخادمه يداه ، فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فإنّ فيه أسوة لمن تأسّى ، وعزاء لمن تعزّى ، وأحبّ العباد إلى اللَّه المتأسّي بنبيّه ،
[1] خطبة 158 من النهج أولها أمره قضاء وحكمة . [2] جمع مخزاة وهي ما يستحيي من ذكره لقبحه ، والمساوي : العيوب . [3] قبض الأطراف كناية عن المنع ، ووطئت - بالتشديد - أي هيأت . وأكناف الشيء جوانبه ، وزوى أي قبض متاعها وزينتها . [4] شف الثوب أي رق ، والصفاق - ككتاب - : الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر ، وقيل : جلد البطن كله . والتشذب : التفرق وانهضام اللحم . [5] السفائف - جمع سفيفة - وصف من سف الخوص إذا نسجه أي منسوجات الخوص . [6] أي لا يأكل من الخبز ما يرفع الجوع . [7] ظلاله أي مأواه ومكمنه من البرد .
141
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 141