responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 140


أفرح إذا أصاب خصمي ، وأحزن إذا أخطأ ، وأحفظ نفسي أن لا تجهل عليه ، فبلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال : يا سبحان اللَّه ما أعقله ؟ قوموا بنا إليه ، فلمّا دخلوا عليه قالوا : يا أبا عبد الرحمن ما السّلامة من الدنيا ؟ قال : يا أبا عبد اللَّه لا تسلم من الدنيا حتّى يكون معك أربع خصال : تغفر للقوم جهلهم ، وتمنع جهلك ، وتبذل لهم شيئك ، وتكون من شيئهم آيسا ، فإذا كنت هكذا سلمت .
ثمّ سار إلى المدينة فاستقبله أهل المدينة فقال : يا قوم أيّة مدينة هذه ؟ قالوا :
مدينة رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، قال : فأين قصر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم حتّى أصلَّي فيه ؟ قالوا : ما كان له قصر إنّما كان له بيت لاطئ بالأرض ، قال : فأين قصور أصحابه ؟ قالوا : ما كانت لهم قصور إنّما كانت لهم بيوت لاطئة ، فقال حاتم : يا قوم فهذه مدينة فرعون ، فأخذوه وذهبوا به إلى السلطان وقالوا : هذا العجميّ يقول : هذه مدينة فرعون ، قال الواليّ : ولم ذاك ؟ قال حاتم : لا تعجل عليّ أنا رجل عجميّ غريب دخلت البلد فقلت : مدينة من هذه ؟ فقالوا : مدينة الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فقلت : أين قصره ؟ وقصّ القصّة ، ثمّ قال : وقد قال اللَّه تعالى : « لقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة » [1] فأنتم بمن تأسّيتم ؟ أبرسول اللَّه أم بفرعون أوّل من بني بالجصّ والآجر ؟ فخلَّوا عنه وتركوه - هذه حكاية حاتم - .
وسيأتي من سيرة السلف في البذاذة وترك التجمّل ما يشهد لذلك في مواضعه والتحقيق فيه أنّ التزيّن بالمباح ليس بحرام ولكنّ الخوض فيه يوجب الأنس به حتّى يشقّ تركه واستدامة الزينة لا يمكن إلا بمباشرة أسباب في الغالب يلزم من مراعاتها ارتكاب المعاصي من المداهنة ومراعاة الخلق ومراياتهم وأمور أخرى محظورة ، والحزم اجتناب ذلك لأنّ من خاض في الدنيا لا يسلم منها البتّة ولو كانت السلامة مبذولة مع الخوض في الدنيا لكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لا يبالغ في ترك الدنيا حتّى نزع القميص المعلَّم ونزع الخاتم الذّهب في أثناء الخطبة إلى غير ذلك ممّا سيأتي بيانه فالتعريج على التنعّم بالمباح خطره عظيم وهو بعيد من الخوف والخشية وخاصيّة علماء اللَّه سبحانه الخشية وخاصيّة الخشية التباعد من مظانّ الخطر .



[1] الأحزاب : 21 .

140

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست