نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 121
إسم الكتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ( عدد الصفحات : 438)
لتركوا ولم يختلف إليهم أحد ، ثمّ يتوقّع المعلَّم من المتعلَّم أن يقوم له في كلّ نائبة وينصر وليّه ويعادي عدوّه وينتهض جهارا له في حاجاته ومسخّرا بين يديه في أوطاره فإن قصّر في حقّه ثار عليه وصار من أعدى أعدائه فأخسس بعالم يرضى لنفسه بهذه المنزلة ثمّ يفرح بها ثمّ لا يستحيي من أن يقول : غرضي من التدريس نشر العلم تقرّبا إلى اللَّه عزّ وجلّ ونصرة لدينه فانظر إلى الأمارات حتّى ترى ضروب الاغترارات . الثالثة أن لا يدّخر من نصح المتعلَّم شيئا ، وذلك بأن يمنعه من التصدّي لرتبة قبل استحقاقها والتشاغل بعلم خفيّ قبل الفراغ من الجليّ ، ثمّ ينبّهه على أنّ مطلب العلوم القرب من اللَّه عزّ وجلّ دون الرئاسة والمباهاة والمنافسة ويقرّر ذلك في نفسه بأقصى ما يمكن فليس ما يصلحه العالم الفاجر بأكثر ممّا يفسده فإن علم من باطنه أنّه لا يطلب العلم إلا للدنيا نظر إلى العلم الَّذي يطلبه فإن كان من علوم الدنيا المتعلَّقة بالدين فيمنعه من ذلك لأنّه ليس من العلوم الَّتي قيل فيها : تعلَّمنا العلم لغير اللَّه فأبى العلم أن يكون إلا للَّه ، وإن كان من علوم الآخرة ولكن قصد به الدنيا فلا بأس أن يتركه فإنّه يتشمّر له طمعا [1] في الوعظ والاستباع ولكن يتنبّه في أثناء الأمر أو آخره لما يعرف من الأمور المخوفة من اللَّه سبحانه ، المحقّرة للدنيا ، المعظَّمة للآخرة وذلك يوشك أن يردّ إلى الصواب بالآخرة حتّى يتّعظ بما يعظ به غيره ويجري حبّ القبول والجاه مجرى الحبّ الَّذي ينثر حول الفخّ ليقتص به الطير وقد فعل اللَّه عزّ وجلّ ذلك بعباده إذ جعل الشهوة ليصل الخلق بها إلى بقاء النسل ، وخلق أيضا حبّ الجاه ليكون سببا لإحياء العلوم ، وهذا متوقّع في علم التفسير والحديث ومعرفة أخلاق النفس وكيفيّة تهذيبها ونحو ذلك ، فأمّا مجادلات المتكلَّمين ومعرفة التفريعات ونحوها فلا يزيد التجرّد لها مع الإعراض عن غيرها إلا قسوة في القلب وغفلة عن اللَّه سبحانه وتماديا في الضلال وطلبا للجاه إلا من تداركه اللَّه برحمته أو مزج به غيره من العلوم الدينيّة ولا برهان على هذا كالتجربة والمشاهدة ، فانظر واعتبر واستبصر لتشاهد تحقيق ذلك في البلاد والعباد ، واللَّه المستعان .