نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 122
وقد روئي بعض العلماء حزينا فقيل له : مالك ؟ فقال : صرنا متّجرا لأبناء الدنيا يلزمنا أحدهم حتّى إذا تعلَّم جعل عاملا أو قاضيا أو قهرمانا . الرابعة وهي من دقائق صناعة التعليم أن يزجر المتعلَّم من سوء الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن ولا يصرّح وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ فإن التصريح يهتك حجاب الهيبة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف ويهيّج الحرص على الإصرار قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وهو مرشد كلّ معلَّم : « لو منع الناس عن فتّ البعر لفتوّه وقالوا : ما نهينا عنه إلا وفيه شيء » وينبّهك على هذا قصّة آدم وحوّاء عليهما السّلام وما نهيا عنه فما ذكرت القصّة معك لتكون سمرا بل لتتنبّه بها على سبيل العبرة ولأنّ التعريض أيضا يميل النفوس الفاضلة والأذهان الزكيّة إلى استنباط معاني ذلك فيفيد فرح التفطَّن لمعناه رغبة في العمل به ليعلم أنّ ذلك ممّا لا يعزب عن فتنة . الخامسة أنّ المتكفّل ببعض العلوم لا ينبغي أن يقبح في نفس المتعلَّم العلوم الَّتي ورائه كمعلَّم اللَّغة إذ عادته تقبيح الفقه ومعلَّم الفقه عادته تقبيح الحديث والتفسير وأنّ ذلك نقل محض وسماع مجرّد وهو شأن العجايز ولا نظر للعقل فيه ، ومعلَّم الكلام ينفر عن الفقه ويقول : هو فرع وكلام في حيض النسوان فأين ذلك من الكلام في صفات الرحمن فهذه أخلاق مذمومة للمعلَّمين ينبغي أن يجتنب بل المتكفّل بعلم واحد ينبغي أن يوسّع على المتعلَّم طريق التعلَّم في غيره وإن كان متكفّلا بعلوم فينبغي أن يراعي التدريج في ترقية المتعلَّم من رتبة إلى رتبة . السادسة أن يقتصر بالمتعلَّم على قدر فهمه فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيّد البشر صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم حيث قال : « نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزّل الناس منازلهم ونكلَّم الناس على قدر عقولهم » [1] . وقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « ما أحد يحدّث قوما بحديث لا يبلغه عقولهم إلا كان فتنة على
[1] قال العراقي : الحديث رويناه في جزء من حديث أبي بكر بن الشخير من حديث عمر أخصر منه وعند أبي داود من حديث عائشة « انزلوا الناس منازلهم » انتهى وأخرج شطره الأخير الكليني في الكافي ج 1 ص 23 والصدوق في الأمالي ص 250 .
122
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 122