المدارس الفكرية لاتّباعه في البحث الثاني ، وإن كانت هذه المدارس مختلفة فيما بينها في البحث الأوّل ، إذ لكلّ منها طريقتها الخاصّة في الوصول إلى الكشف عن حقائق الأشياء . وهذا ما نجده واضحاً عند المدرسة المشّائية والإشراقية والحكمة المتعالية ، فإنّها متّفقة جميعاً في اتّباع المنهج العقلي في البحث الثاني ، وإن كان بدرجات متفاوتة ، وإنّما وقع الاختلاف الكبير فيما بينها في البحث الأوّل ، وربّما اطردت هذه القاعدة في العرفان النظري وعلم الكلام أيضاً . فعندما نتكلّم عن المدارس والمسالك المختلفة التي وجدت على مسرح الفكر الإنساني لتكوين هذه الرؤية الكونية أو تلك ، إنّما ينحصر حديثنا في المقام الأوّل من البحث ، وهو السبيل للوقوف على حقائق الأشياء ، وهنا اختلف الفلاسفة والعرفاء والمتكلّمون فيما بينهم ، حيث اختار كلّ فريق طريقاً ومنهجاً للوصول يختلف عن الآخر ، فتعدّدت الرؤى واختلفت ; من فلسفية وكلامية وعرفانية ؛ ولذا سوف نقتصر في هذا المبحث على ذكر إجماليّ لأصول هذه المدارس الفكرية والعقائدية . وسيتّضح لنا أنّ هذه المدارس الفكرية تتّفق غالباً في البحث الثاني ، حيث تحاول بأجمعها الاستعانة بالأسلوب والمنهج العقلي لإيصال الحقائق إلى الآخرين ، وإن كان التوفيق قد حالف بعضها وجانب بعضها الآخر ، كما سيتّضح ذلك في البحوث اللاحقة إن شاء الله تعالى . أمّا المدارس وأنواع الرؤى الكونية التي يقع الحديث عنها ، فهي : 1 - المدرسة المشّائية . 2 - المدرسة الكلامية - الدينية . 3 - المدرسة العرفانية . 4 - المدرسة التوفيقية ، التي تنقسم بدورها إلى :