والمفاهيم الفلسفيّة ، فهو أمر غير ممكن . وقد أشار إلى ما ذكرناه صدر المتألّهين في عبارته السابقة ، حيث قال : « إنّ مفهوم الوجود العام وإن كان أمراً ذهنيّاً مصدريّاً انتزاعيّاً ، لكن أفراده وملزوماته أمور عينيّة » [1] . فإنّ هذه العبارة من صدر المتألّهين واضحة في أنّ الرابطة والعلاقة بين مفهوم الوجود - الذي هو من المفاهيم الفلسفيّة كما سيتّضح - وبين مصاديقه التي يُحمل عليها هي علاقة اللازم والملزوم ، ولا يحكي المفهوم الفلسفي كنه الأشياء وذاتيّاتها ، لأنّه ليس داخلاً في ماهيّة مصداقه ولا يحكي أجزاءه الذاتية ، فلا يكون مقوّماً له . قال العلاّمة الطباطبائي في ( نهاية الحكمة ) : « وبان أيضاً أنّ نسبة مفهوم الوجود إلى الوجودات الخارجيّة ليست نسبة الماهيّة الكلّية إلى أفرادها الخارجيّة » [2] ، ومراده من ذلك أنّ الماهيّة الكلّية تحكي حقيقة أفرادها وتقوّمها ، بخلاف المفهوم الفلسفي الذي لا يحكي إلاّ عن حكم من أحكام مصداقه . ولكي يتميّز المفهوم الفلسفي عن المفهوم الماهوي ، عبّروا - بحسب الاصطلاح - عن مصاديق المفهوم الماهوي بالأفراد ، وعمّا ينطبق عليه المفهوم الفلسفي بالمصاديق ، قال العلاّمة في ( نهاية الحكمة ) : « فبهذا يتحصّل انتزاع مفهوم الوجود من الحكم ويقع على مصداقه الخارجي ، وإن كانت حيثيّته حيثيّة أنّه في الخارج ، فهي مصاديق له وليست بأفراد مأخوذة فيها مفهومه أخذ الماهيّة في أفرادها » [3] .
[1] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 49 . [2] نهاية الحكمة ، محمّد حسين الطباطبائي ، مصدر سابق : ص 17 . [3] المصدر السابق : ص 257 .