يكون كذلك . فإن لم يكن حال الموجود مع الموجود في عدم المشاركة كحال الموجود مع المعدوم وصريح العقل حاكم بفساد ذلك ، وإن كان بين الموجودين من المشابهة ما ليس بين الموجود والمعدوم فذلك اعتراف بأنّ أصل الوجود مشترك . . . إذا لم يكن وجوداتها متشاركة في المفهوم بل كانت متباينة من كلّ الوجوه ، كان حال بعضها مع البعض كحال الوجود مع العدم في عدم المشابهة » [1] . ولكن قد أُشكل على هذا المنبّه الوجداني بأنّه أعمّ من المدّعى في المقام ، لأنّه لا يُثبت إلاّ جهة التشابه والمناسبة بين موجود وموجود آخر ، ولا يُعيّن في الوقت ذاته سبب ومنشأ تلك المناسبة ، فهل المنشأ هو الاشتراك المعنوي وصدق المفهوم الواحد للوجود على جميع الموجودات والأشياء الخارجيّة كما يقول به الفيلسوف ، أو أنّ المنشأ هو الاشتراك اللفظي الذي يقوله الأديب ؟ إذن يمكن أن يكون منشأ التشابه بين موجودين هو الاشتراك المعنوي ، كما يمكن أيضاً أن يكون السبب في ذلك هو الاشتراك اللفظي ، والمنبّه المذكور لا يُعيّن أحد هذين المعنيين ، وهذا يعني أنّ هذا المنبّه أعمّ من المدّعى المراد إثباته ، وهو الاشتراك المعنوي . وأجاب عنه المصنّف : بأنّه لو كان منشأ المشابهة هو الاشتراك اللفظي عند الأديب ، فإنّ معناه أنّ الواضع لو وضع لفظاً واحداً لموجود ومعدوم ، كان من المفروض ثبوت تلك المشابهة والمناسبة بينهما ، وهذا باطل قطعاً ، لأنّ صريح العقل حاكم بأنّ ما يجده من المناسبة بين الموجودات لا تتحقّق بين موجود ومعدوم ، وإن وضع الواضع لفظاً واحداً بإزائهما ، وهذا يكشف عن أنّ المناسبة المذكورة ليست ناشئة من الاشتراك اللفظي ، بل هي حاصلة
[1] المباحث المشرقيّة ، الفخر الرازي ، مصدر سابق : ج 1 ص 106 - 107 .