الوجود معنىً بين جميع الموجودات - بديهي جدّاً ، وهذه الوجوه تنبيهات عليه ، فإنّ بعض البديهيّات يجوز أن يحتاج إلى تنبيه سيّما بالنسبة إلى بعض الأذهان ، ونقل في المواقف عن بعض الفضلاء أنّ هذه القضيّة - أي كون الوجود مشتركاً معنىً - ضروريّة » [1] . ثمّ إنّ صدر المتألّهين حاول أن يذكر منبّهاً على ما ادّعاه من البداهة الوجدانيّة للاشتراك المعنوي في مفهوم الوجود ، وحاصله : إنّ العقل البشري يجد ويلمس من المناسبة والمشابهة بين موجود وموجود آخر ما لا يجد نظيرها بين موجود ومعدوم ، فعندما نقول : « الله موجود ، والإنسان موجود ، والسماء موجودة ، والأرض موجودة » فإنّ الذهن يرى المسانخة والمشابهة بين محمولات هذه القضايا ، وهذا ما يفتقده الذهن في قولنا : « الله موجود ، وشريك الباري معدوم » فإنّ الذهن لا يرى أيّ تشابه أو تناسب بين محمولات هذه القضايا ، وهذا شاهد واضح على أنّ المحمول في النحو الأوّل من القضايا وهو الوجود ، مشترك معنوي بين الأشياء التي يحمل عليها ، بخلاف ( موجود ومعدوم ) في النحو الثاني من القضايا ، فإنّنا لا نلمس أي تناسب أو مشابهة بينهما ، فلو لم تكن الموجودات في الأمثلة المذكورة مشتركة في المفهوم ، لكان الحال فيما بينها كحال الوجود مع العدم في التباين وعدم المشاركة ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله . وهذا التنبيه على بداهة الاشتراك المعنوي في مفهوم الوجود ذكره الفخر الرازي في ( المباحث المشرقيّة ) بعبارات واضحة ، حيث قال : « يشبه أن يكون ذلك من قبيل الأوّليّات ، بيانه : أنّا إذا نسبنا موجوداً إلى معدوم لم نعقل بينهما مشاركة ومقارنة في التحقّق والثبوت ، وإذا نسبنا موجوداً إلى موجود ، فإمّا أن يكون بينهما من المشاركة والمقارنة ما ليس بين الموجود والمعدوم ، وإمّا أن لا