الآخر وجعلها علوماً متعدّدة ، فلعلّه لأجل جهات أخرى غير جهة الموضوع ، كأن تكون الجهة هي تعدّد الأغراض والأهداف والغايات والنتائج المختلفة ، فإنّ مسائل علم الإلهيّات يطلب فيها تحصيل الرؤية الكونية الصحيحة ، وأمّا النتائج التي نأخذها من مسائل علم الرياضيّات أو الطبيعيّات فهي أمور أخرى قد لا ترتبط بالرؤية الكونية . وقد يكون السبب في فصل تلك العلوم هو توسّع مسائلها بمرور الزمن . فتحصّل إلى هنا : أنّه لا يوجد دليل أو برهان عقليّ على انفصال الرياضيّات والطبيعيّات كعلمين مستقلّين عن الإلهيّات من حيث الموضوع ، خلافاً لما هو السائد عند المتأخّرين من الفلاسفة . ولعلّ بعض المحقّقين أراد أن يشير إلى ما ذكرناه من التفصيل ، وذلك في قوله : « لمقايسة العلوم بعضها ببعض اعتباران ؛ أحدهما : نسبة مفاهيم موضوعاتها بعضها إلى بعض ، فإذا كان موضوع علم أعمّ من موضوع علم آخر سُمّي العلم الأوّل ( أعمّ ) كنسبة العلم الطبيعي إلى علم الحيوان ، لكن في هذا الاعتبار لا تغاير بين العلمين ، لأنّ الأخصّ جزء من الأعمّ . ثانيهما : نسبة المسائل بعضها إلى بعض بحسب مقام الإثبات » [1] . وبناءً على الطولية التي ذكرناها تكون الطبيعيّات والرياضيّات أخصّ من الفلسفة والحكمة ، وبهذا الاعتبار لا تغاير بين العلمين ، لأنّ الأخصّ جزء من الأعمّ . يبقى الكلام فيما ذكره الشيخ الرئيس في برهان الشفاء حول اختلاف العلوم واشتراكها ، والظاهر أنّ كلامه لا يختلف عن التفصيل الذي حقّقناه آنفاً ، فهو بعد أن ذكر أنحاء الاختلاف والتغاير بين موضوعات العلوم ،
[1] تعليقة على نهاية الحكمة ، محمّد تقي مصباح اليزدي ، مصدر سابق : ص 12 .