ذي الواسطة وهو الموضوع لاتّحاده مع الواسطة خارجاً ، فنسبته إليه نسبة مجازية بالعرض وليست هي نسبة ذاتية ؛ ولذا يُسمّى عرضاً غريباً أي ليس ذاتيّاً للموضوع ، والواسطة في العروض تُسمّى أيضاً حيثيّة تقييديّة . وأمّا الواسطة في الثبوت ، فهي التي تكون علّة لتحقّق المحمول وثبوته للموضوع ، فالمحمول يعرض الموضوع حقيقةً ولكن الواسطة حيثيّة تعليليّة لذلك العروض . فعندما نقول : الماء حارّ ، تكون النار هي الواسطة في الثبوت ، لأنّ النار سبب في ثبوت الحرارة للماء ، فالحرارة تعرض الماء حقيقةً ، ولكن بواسطة حيثيّة تعليليّة وهي النار ، فمع وجود الواسطة في الثبوت لا يكون المحمول من العوارض الغريبة ، بل هو من العوارض الذاتية ؛ لأنّه يعرض ذي الواسطة وهو الموضوع حقيقةً وذاتاً ، فالعرض قد يكون ذاتيّاً وإن احتاج إلى واسطة في الثبوت وحيثيّة تعليليّة . والوسائط التي ذكرت سابقاً بين موضوع الفلسفة ومحمولاتها كلّها من قبيل الواسطة في الثبوت ، وليست هي واسطة في العروض ، فسواء كانت الواسطة هي الوجوب أو الإمكان أو التجرّد أو المادّة أو النفس أو الجسم أو الصورة ، فإنّها جميعاً ترجع إلى الواسطة في الثبوت ، وذلك لأنّ أحكام تلك الوسائط إنّما تعرض موضوع الفلسفة - وهو الموجود بما هو موجود - أوّلاً وبالذات ، وليست الوسائط المذكورة إلاّ حيثيّات تعليليّة لثبوت تلك الأحكام والمحمولات للموضوع ، فهي أعراض ذاتية للموجود ، وإن كانت بحاجة إلى أمر أخصّ وهو الواسطة في الثبوت والحيثيّة التعليليّة ، وهذا لا يجعلها من العوارض الغريبة . فأحكام النفس مثلاً عوارض ذاتية للموجود بما هو موجود ، والنفس واسطة لثبوت تلك العوارض للموجود ، والواسطة في الثبوت لا تجعل العرض غريباً .