كما توهّمه بعض أجلّة المتأخّرين ، ونسب كلام الشيخ إلى التناقض ، حيث قال : إنّ ما يلحق الشئ لأمر أخصّ فهو عرض غريب ليس عرضاً ذاتياً ، مع أنّه مثّل العرض الذاتي بالمستقيم والمستدير للخطّ ، ومنشأ هذا التوهّم عدم الفرق بين العارض الأخصّ وبين العارض لأمر أخصّ ، أو توهّم أنّ كلّ ما يعرض الشئ لذاته يجب أن يكون لازماً لذاته ، وليس كذلك ؛ فإنّ الفصول المقسّمة لجنس واحد - كفصول الحيوان من الناطق وغيره - كلّ واحد منها عارض لذلك الجنس لذاته مع كونه أخصّ منه » [1] . وقال أيضاً في موضع آخر : « وكذلك أقسام الأقسام أيضاً من العوارض الذاتية إذا كانت القسمة إليها قسمة أوّلية ، وهكذا إلى أن يصير القسمة بسبب لحوق عارض غريب ، فإنّ المراد من القسمة الأوّلية أن لا يحتاج المقسم في انقسامه إلى تلك الأقسام إلى لحوق أمر خارج عن ذاته ، فإنّ قسمة الحيوان إلى الإنسان والفرس وسائر الأنواع قسمة أوّلية ، والأقسام أعراض ذاتية له ، وقسمته إلى الأبيض وغيره وإلى الضاحك وغيره وإلى الكاتب وغيره غير أوّلية ، والأقسام ليست أعراضاً ذاتية له ، وإن كان القسم الخارج في بعضها أعمّ وفي بعضها مساوٍ وفي بعضها أخصّ ممّا خرج من القسمة الأولى ، وكانت القسمة في الأنحاء الثلاثة الأخيرة أيضاً مستوفاة كالأولى . وبالجملة أخصّية العارض لا ينافي كونه من الأحوال الذاتية للمعروض الموضوع » [2] . هذه هي حصيلة الضابطة في تشخيص مسائل العلم عند صدر المتألّهين ، وبه يتّضح فساد ضابط المساواة .
[1] تعليقة على إلهيات الشفاء ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 51 - 52 . [2] المصدر السابق : ص 62 .