ثمّ إنّ الذي يراد إثبات بداهته تصديقاً هو مصداق الموجود لا مفهومه ، وهذا ما صرّح به الشيرازي في موضع آخر من الأسفار ، إذ قال : « إنّ قول الحكماء إنّ موضوع العلم الكلّي هو الموجود المطلق ، لم يريدوا به نفس هذا المفهوم الكلّي ، بل أرادوا به الموجود بما هو موجود في نفس الأمر . . . والذي هو مستغنٍ عن الإثبات - لأنّه بديهيّ الثبوت - هو فرد الموجود المطلق بما هو فرد له مطلقاً لما يشاهد من الموجودات ، لا نفس المفهوم الكلّي الذي لا يوجد إلاّ في الذهن » [1] . 3 - قوله « قدس سره » : ( وأيضاً التعريف إمّا أن يكون بالحدّ أو بالرسم ) . هذا شروع من المصنّف في بيان الدليل الثاني على بداهة المبدأ التصوّري . وهذا الدليل ذكره الفخر الرازي في المباحث المشرقيّة ، حيث قال : « فثبت أنّه لا يمكن تعريف حقيقة الوجود ، والذي وصل إلينا ممّن قبلنا في هذا الموضع إمّا أنّه يكون بالحدّ أو الرسم » [2] . ثمّ يشرع في بيان الدليل المذكور ، فلاحظ . 4 - قوله « قدس سره » : ( وأمّا الثاني : فلأنّه تعريف بالأعرف ، ولا أعرف من الوجود ) . إنّ هذه العبارة كما هي تتمّة للدليل الثاني ، فإنّها أيضاً إشارة إلى الدليل الثالث الذي تقدّم بيانه مفصّلاً في الشرح . 5 - قوله « قدس سره » : ( ولمّا لم يكن للوجود حدّ فلا برهان عليه ) . هذا هو الدليل الثاني لإثبات بداهة المبدأ التصديقي ، والمراد من الحدّ في القاعدة هو الأعمّ من الحدّ المنطقي والرسم ، كما أنّ المراد منه الحدّ في باب البرهان ، لا الحدّ في باب الإيساغوجي ( الكلّيات ) .
[1] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 6 ص 88 - 89 . [2] المباحث المشرقية ، الفخر الرازي ، تحقيق وتعليق : محمد المعتصم بالله البغدادي ، منشورات ذوي القربى ، قم : ج 1 ص 12 .