بالنسبة إلى الموضوع الكلّي لنفس العلم . وأما المبادئ التصديقية لموضوعات مسائل العلم فقد تكون من مسائل نفس ذلك العلم ، فإنّ إقامة الدليل والبرهان على وجود الواجب والممكن والعلّة والمعلول والتصديق بذلك داخل في مسائل العلم ويُعدّ من المسائل الفلسفية . فقولنا مثلاً : « الممكن موجود » مسألة من مسائل الفلسفة ، وكذا قولنا : « الواجب موجود » ؛ وذلك لأنّ إقامة البرهان على وجود الممكن والواجب عبارة أخرى عن إثبات شئ لشئ وهو الموضوع العامّ ؛ إذ يثبت بذلك أنّ الموجود المطلق إمّا واجب أو ممكن ، فيكون اندراجه في مسائل الفلسفة على القاعدة . والحاصل : إنّ المبادئ التصوّرية خارجة عن مسائل العلم مطلقاً ، وأمّا المبادئ التصديقية : فما يختصّ منها بموضوع العلم فهو خارج عن المسائل أيضاً ، وما يختصّ منها بموضوعات المسائل فقد تكون من مسائل ذلك العلم ، ويكون دورها إثبات وجود الموضوعات الخاصّة بكلّ مسألة من مسائل العلم . ومن هنا ذكرنا سابقاً أن موضوعات سائر العلوم ( كالكمّ في الرياضيات والجسم في الطبيعيات ) إنّما تبحث مبادئها التصديقية وجملة من مبادئها التصوّرية في الفلسفة ؛ ولذا تسمَّى الفلسفةُ « أمَّ العلوم » و « العلم الأعلى » . وأمّا المبادئ التصوّرية والتصديقية لموضوع الفلسفة وموضوعات مسائلها ، فهو ما يتكفّل بيانه المقطع الذي نحن بصدد شرحه من متن الأسفار ، ويذكر الفلاسفة في هذا المجال - كما سيتّضح - بأنه لا يوجد هناك علم أعلى وراء الفلسفة يبحث فيه عن مبادئها التصوّرية والتصديقية ، ولذا أثبتوا قبل الدخول في مسائل الفلسفة أنّ موضوع الفلسفة - وهو أصل الواقعية والموجود المطلق - مفهومُه بديهيٌّ لا يحتاج إلى ما يبيّنه ويشرح