الإمام الصادق « عليه السلام » : « ما كلّم رسول الله « صلى الله عليه وآله » العباد بكنه عقله قطّ » [1] . وذلك لأنّ عموم الناس لا يستطيعون أن يحتملوا ما وقف عليه الرسول الأكرم « صلى الله عليه وآله » من منازل القُرب والمقامات الإلهيّة الرفيعة . ثمّ إنّ لغة الرمز والتكلّم بالأمثال هي اللغة التي اعتمدها القرآن الكريم في إيصال مجموعة من الحقائق الإلهيّة إلى الناس ، قال الله تبارك وتعالى : * ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) * [2] . فالآية المباركة صريحة في أنّ الله تعالى يضرب الأمثال في القرآن الكريم لعامّة الناس ، ولكن الذي يعقلها ويصدّق بها ويؤمن بمضامينها هم العلماء ، فالعلم في هذه الآية المباركة جعل وسيلة لهدف أسمى وهو الإيمان والتعقّل والتصديق ، وهذا هو ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ العلم غاية متوسّطة ووسيلة إلى الكمال النهائي ، وهو التعقّل والإيمان . والفلاسفة الإلهيّون إنّما اعتمدوا لغة الرموز في بعض الأحيان باعتبار أنّ عموم الناس لا يمكنهم الوقوف على جملة من الحقائق الفلسفيّة ، وذلك تأسّياً بالأنبياء « عليهم السلام » وبالقرآن الكريم . وقد أشار إلى هذه الحقيقة الشيخ الرئيس في إلهيّات الشفاء ، حيث قال : « وإنّ من الفضلاء من يرمز أيضاً برموز ، ويقول ألفاظاً ظاهرة مستشنعة أو خطأ وله فيها غرضٌ خفيّ ، بل أكثر الحكماء ، بل الأنبياء الذين لا يؤتون من جهة غلطاً أو سهواً ، هذه وتيرتهم » [3] . 25 - قوله « قدس سره » : ( والوجود خيرٌ محض ) . إنّ قاعدة الوجود خيرٌ محض عند الحكماء تستند إلى إيمانهم بأنّ حقيقة
[1] المصدر السابق . [2] العنكبوت : 43 . [3] إلهيّات الشفاء ، ابن سينا ، مصدر سابق : ص 51 .