الوقوف على حقائق الأشياء ومعرفتها بالعلم الحضوري الشهودي ، وهذا هو ما يقف عليه السالك في سفره الثالث من أسفاره المعنويّة كما تقدّم ، وليس المطلوب في هذا الحديث هو العلم الحصولي والحكمة النظرية التي هي محلّ بحثنا . 18 - قوله « قدس سره » : ( وللخليل « عليه السلام » أيضاً حيث سأل : * ( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً ) * [1] والحكم هو التصديق بوجود الأشياء المستلزم لتصوّرها أيضاً ) . فصدر المتألّهين فسّر الحكم في هذه الآية المباركة بالتصديق بوجود الأشياء ، وهو مرتبط بالعلم الحصولي ، ولعلّ هذا التفسير أيضاً خلاف ظاهر الآية المباركة ، ومناقشة صدر المتألّهين في هذه الآية والرواية السابقة إنّما هو نقاش صغروي يرتبط بالبحث التفسيري ، وأمّا البحث الكبروي الفلسفي الذي ذكره المصنّف فهو تامّ لا إشكال فيه . 19 - قوله « قدس سره » : ( وإلى هذا الفنّ أشار بقوله « عليه السلام » : « تخلّقوا بأخلاق الله » [2] ) . المراد من التخلّق بأخلاق الله تعالى هو الاتّصاف بالصفات الإلهيّة علماً وعملاً بنحو الاتّحاد والتحقّق بتلك الصفات لا مجرّد العلم المفهومي بها . قال الشيخ حسن زاده آملي في تعليقه على الأسفار : « التخلّق هو التحقّق والاتّصاف بحقيقة ذلك الخُلق ، لا العلم المفهومي بمعناه كما يحصل بالرجوع إلى المعاجم بأنّ الراحم معناه كذا ، والعطوف مفاده كذا » [3] . 20 - قوله « قدس سره » : ( * ( ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) * وهي صورته التي هي طراز عالم الأمر ) .
[1] الشعراء : 83 . [2] بحار الأنوار ، مصدر سابق : ج 58 ص 129 . [3] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، صحّحه وعلّق عليه حسن زاده آملي ، مصدر سابق : ج 1 ص 30 .