ويصير هو هو على وجه ما » [1] . فالشيخ يعتقد - بحسب هذه العبارة - بأنّ العلم بالأمور الكلّية يكون على نحو الاتّحاد بين العالم والمعلوم ، وأمّا الأمور الجزئيّة فهو لا يعتقد أنّ العلم بها على نحو الاتّحاد ; لأنّه لا يرى أنّ العلم بها من الأمور المجرّدة ، بخلاف صدر المتألّهين الذي أثبت تجرّد الخيال والعلم بالأمور الجزئيّة ، فالعلم بها أيضاً يكون على نحو الاتّحاد . 16 - قوله « قدس سره » : ( لا في المادّة بل في صورته ورقشه وهيأته ونقشه ) . فالنفس تتّحد مع العالم الخارجي اتّحاداً عقليّاً مشابهاً لهيئة العالم وصورته لا لمادّته ، وذلك لأنّ النظام العلمي والعقلي للعالم الذي تتّحد معه النفس مجرّد عن المادّة ، ولا معنى لأن تتّحد النفس المجرّدة بالجانب المادّي لنظام الوجود الخارجي ، فالنفس تتّحد مع صورة العالم وهيئته بالمعنى الفلسفي للهيئة والصورة ، أي ما به الشئ هو هو ، وليس المراد الشكل والصورة الخارجيّة . 17 - قوله « قدس سره » : ( وهذا الفنّ هو المطلوب لسيّد الرُّسل المسؤول في دعائه « صلى الله عليه وآله » إلى ربّه ، حيث قال : « ربِّ أرنا الأشياء كما هي » [2] ) . وهذا الحديث على فرض صدوره من النبيّ الأكرم « صلى الله عليه وآله » ، فإنّ صدر المتألّهين يحمله على طلب فهم الأشياء وإدراكها عن طريق ما ذكره من الحكمة النظريّة . لكن الظاهر من الحديث - على فرض صدوره - أنّ النبيّ « صلى الله عليه وآله » يطلب
[1] النجاة من الغرق في بحر الضلالات ، ابن سينا ، تحقيق : محمد تقي دانش ، منشورات جامعة طهران : ص 592 . [2] رسائل المرتضى ، الشريف المرتضى ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، منشورات دار القرآن الكريم ، قم : ج 2 ص 261 ، والحديث وارد بلفظ : « أرني » ، وقد ورد الحديث بلفظ « أرنا » في تفسير الفخر الرازي : ج 1 ص 126 وج 2 ص 200 .